وحدك * (وحرض المؤمنين) * على أن يقاتلوا من يحول بينهم وبين ربهم * (عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا) * أي ستروا أوصاف الربوبية * (والله أشد) * منهم * (بأسا) * أي نكاية * (وأشد) * منهم * (تنكيلا) * (النساء: 84) أي تعذيبا * (من يشفع شفاعة حسنة) * أي من يرافق نفسه على الطاعات * (يكن له نصيب منها) * أي حظ وافر من ثوابها * (ومن يشفع شفاعة سيئة) * أي من يرافق نفسه على معصية * (يكن له كفل منها) * أي مثل مساو من عقابها * (وكان الله على كل شيء مقيتا) * (النساء: 85) فيوصل الثواب والعقاب إلى مستحقيهما * (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها) * (النساء: 86) تعليم لنوع من مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، وقيل: المعنى إذا من الله تعالى عليكم بعطية فابذلوا الأحسن من عطاياه أو تصدقوا بما أعطاكم وردوه إلى الله تعالى على يد المستحقين، والله تعالى خير الموفقين.
* (الله لا إله إلا هو) * مبتدأ وخبر، وقوله سبحانه: * (ليجمعنكم إلى يوم القيامة) * جواب قسم محذوف أي والله ليجمعنكم، والجملة إما مستأنفة لا محل لها من الإعراب، أو خبر ثان، أو هي الخبر، و * (لا إله إلا هو) * اعتراض واحتمال - أن تكون خبرا بعد خبر لكان، وجملة * (الله لا إله إلا هو) * معترضة مؤكدة لتهديد قصد بما قبلها وما بعدها - بعيد، ثم الخبر وإن كان هو القسم وجوابه لكنه في الحقيقة الجواب فلا يرد وقوع الإنشاء خبرا، ولا أن جواب القسم من الجمل التي لا محل لها من الإعراب فكيف يكون خبرا مع أنه لا امتناع من اعتبار المحل وعدمه باعتبارين، والجمع بمعنى الحشر، ولهذا عدي بإلى كما عدي الحشر بها في قوله تعالى: * (لإلى الله تحشرون) * (آل عمران: 158)، وقد يقال: إنما عدي بها لتضمينه معنى الإفضاء المتعدي بها أي ليحشرنكم من قبوركم إلى حساب يوم القيامة، أو مفضين إليه، وقيل: إلى بمعنى في كما أثبته أهل العربية أي ليجمعنكم في ذلك اليوم * (لا ريب فيه) * أي في يوم القيامة، أو في الجمع، فالجملة إما حال من اليوم، أو صفة مصدر محذوف أي: جمعا لا ريب فيه والقيامة بمعنى القيام، ودخلت التاء فيه للمبالغة - كعلامة ونسابة - وسمي ذلك اليوم بذلك لقيام الناس فيه للحساب مع شدة ما يقع فيه من الهول، ومناسبة الآية لما قبلها ظاهرة، وهي أنه تعالى لما ذكر * (إن الله) * تعالى * (كان على كل شيء حسيبا) * (النساء: 86) تلاه بالإعلام بوحدانيته سبحانه والحشر والبعث من القبور للحساب بين يديه، وقال الطبرسي: وجه النظم أنه سبحانه لما أمر ونهى فيما قبل بين بعد أنه لا يستحق العبادة سواه (ليعملوا على حسب ما أوجبه عليهم، وأشار إلى أن لهذا العمل جزاءا ببيان وقته)، وهو يوم القيامة ليجدوا فيه ويرغبوا ويرهبوا * (ومن أصدق من الله حديثا) * الإستفهام إنكاري، والتفضيل باعتبار الكمية في الأخبار الصادقة لا الكيفية إذ لا يتصور فيها تفاوت لما أن الصدق المطابقة للواقع وهي لا تزيد، فلا يقال لحديث معين: إنه أصدق من آخر إلا بتأويل وتجوز، والمعنى لا أحد أكثر صدقا منه تعالى في وعده وسائر أخباره ويفيد نفي المساواة أيضا كما في قولهم: ليس في البلد أعلم من زيد، وإنما كان كذلك لاستحالة نسبة الكذب إليه سبحانه بوجه من الوجوه، ولا يعرف خلاف بين المعترفين بأن الله تعالى متكلم بكلام في تلك الاستحالة، وإن اختلف مأخذهم في الاستدلال.
وقد استدل المعتزلة على استحالة الكذب في كلام الرب تعالى بأن الكلام من فعله تعالى، والكذب قبيح لذاته - والله تعالى لا يفعل القبيح - وهو مبني على قولهم: بالحسن والقبح الذاتيين وإيجابهم رعاية الصلاح والأصلح، وأما الأشاعرة فلهم - كما قال الآمدي - في بيان استحالة الكذب في كلامه تعالى القديم النفساني مسلكان: