النون ميما لمشابهتها إياها فتوالت ثلاث ميمات فحذفت الثانية لضعفها بكونها بدلا وحصول التكرير بها، ورجحه أبو حيان في " البحر ". وزعم ابن جني أنها الأولى، ونظر فيه الحلبي، و * (من) * إما مزيدة في الإيجاب على رأي الأخفش، وإما تعليلية على ما اختاره ابن جني قيل: وهو الأصح - لاتضاح المعنى عليه وموافقته لقراءة التخفيف - واللام إما زائدة، أو موطئة بناءا على عدم اشتراط دخولها على أداة الشرط، وقرأ نافع - آتيناكم - على لفظ الجمع للتعظيم، والباقون - آتيتكم - على التوحيد، ولكل من القراءتين حسن من جهة - فافهم ذاك - فبعيد أن تظفر بمثله يداك * (قال) * أي الله تعالى للنبيين وهو بيان لأخذ الميثاق، أو مقول بعده للتأكيد * (ءأقررتم) * بذلك المذكور * (وأخذتم) * أي قبلتم على حد * (إن أوتيتم هذا فخذوه) * (المائدة: 41). وقيل: معناه هل أخذتم * (على ذالكم إصري) * على الأمم. - والإصر - بكسر الهمزة كما قال ابن عباس، وأصله من - الإصار - وهو ما يعقد به ويشد وكأنه إنما سمي العهد بذلك لأنه يشد به، وقرىء بالضم وهو إما لغة فيه - كعبر وعبر - في قولهم ناقة عبر أسفار أو هم بالضم جمع - إصار - استعير للعهد، وجمع إما لتعدد المعاهدين وهو الظاهر، أو للمبالغة * (قالوا) * استئناف مبني على السؤال كأنه قيل: فماذا قالوا عند ذلك؟ فقيل: قالوا: * (أقررنا) *، وكان الظاهر في الجواب أقررنا على ذلك إصرك لكنه لم يذكر الثاني اكتفاءا بالأول * (قال) * أي الله تعالى لهم * (فاشهدوا) * أي فليشهد بعضكم على بعض بذلك الإقرار، فاعتبر المقر بعضا، والشاهد بعضا آخر لئلا يتحد المشهود عليه والشاهد، وقيل: الخطاب فيه للأنبياء عليهم الصلاة والسلام فقط أمروا بالشهادة على أممهم ونسب ذلك إلى علي كرم الله تعالى وجهه، وقيل: للملائكة فكيون ذلك كناية عن غير مذكور ونسب إلى سعيد بن المسيب * (وأنا معكم من الشاهدين) * أي على إقراركم وتشاهدكم - على ما يقتضيه المعنى - لأنه لا بد في الشهادة من مشهود عليه. وهنا ما ذكرناه للمقام. وعن ابن عباس أن المراد اعلموا وأنا معكم أعلم. وعلى كل تقدير فيه توكيد وتحذير عظيم، والجار والمجرور خبر - أنا - و * (معكم) * حال، والجملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب. وجوز أن تكون في محل نصب على الحال من ضمير * (فاشهدوا) *.
* (فمن تولى بعد ذالك فأولائك هم الفاسقون) *.
* (فمن تولى) * أي أعرض عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ونصرته - قاله علي كرم الله وجهه - * (بعد ذالك) * أي الميثاق والإقرار والتوكيد بالشهادة * (فأولائك) * إشارة إلى (من) مراعى معناه كما روعي من قبل لفظها * (هم الفاسقون) * أي الخارجون في الكفر إلى أفحش مراتبه، والمشهور عدم دخول الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في حكم هذه الشرطية، أو ما هي في حكمها لأنهم أجل قدرا من أن يتصور في حقهم ثبوت المقدم ليتصفوا، وحاشاهم بما تضمنه التالي بل هذا الحكم بالنسبة إلى أتباعهم، وجوز أن يراد العموم والآية من قبيل: * (لئن أشركت ليحبطن عملك) * (الزمر: 65).
* (أفغير دين الله يبغون وله أسلم من فى السماوات والارض طوعا وكرها وإليه يرجعون) *.
* (أفغير دين الله يبغون) * ذكر الواحدي عن ابن عباس أنه قال اختصم أهل الكتابين إلى رسول الله