نزولها إليهم أيضا كما صحح تعبدنا بتفاصيل القرآن ودخولنا تحت أحكامه نسبة نزوله إلينا، والأسباط جمع سبط كأحمال وحمل وهم أولاد إسرائيل، وقيل: هم في أولاد إسحق كالقبائل في أولاد إسماعيل مأخوذ من السبط وهو شجرة كثيرة الأغصان فكأنهم سموا بذلك لكثرتهم، وقيل: من السبوطة وهي الاسترسال، وقيل: إنه مقلوب البسط، وقيل: للحسنين سبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم لانتشار ذريتهم ثم قيل لكل ابن بنت: سبط، وكذا قيل له: حفيد أيضا، واختلف الناس في الأسباط أولاد يعقوب هل كانوا كلهم أنبياء أم لا؟ والذي صح عندي الثاني وهو المروي عن جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه - وإليه ذهب الإمام السيوطي - وألف فيه لأن ما وقع منهم مع يوسف عليه الصلاة والسلام ينافي النبوة قطعا وكونه قبل البلوغ غير مسلم لأن فيه أفعالا لا يقدر عليها إلا البالغون، وعلى تقدير التسليم لا يجدي نفعا على ما هو القول الصحيح في شأن الأنبياء وكم كبيرة تضمن ذلك الفعل وليس في القرآن ما يدل على نبوتهم، والآية قد علمت ما ذكرنا فيها فاحفظ ذلك هديت.
* (وما أوتي موسى وعيسى) * أي التوراة والإنجيل، ولكون أهل الكتاب زادوا ونقصوا وحرفوا فيهما وادعوا أنهما أنزلا كذلك، والمؤمنون ينكرونه اهتم بشأنهما فأفردهما بالذكر وبين طريق الإيمان بهما ولم يدرجهما في الموصول السابق، ولأن أمرهما أيضا بالنسبة إلى موسى وعيسى أنهما منزلان عليهما حقيقة، لا باعتبار التعبد فقط كما في المنزل على إسحق ويعقوب والأسباط ولم يعد الموصول لذلك في عيسى لعدم مخالفة شريعته لشريعة موسى إلا في النزر، ولذلك الاهتمام عبر - بالايتاء - دون - الانزال - لأنه أبلغ لكونه المقصود منه، ولما فيه من الدلالة على الإعطاء الذي فيه شبه التمليك والتفويض، ولهذا يقال: أنزلت الدلو في البئر، ولا تقول: آتيتها إياها، ولك أن تقول: المراد بالموصول هنا ما هو أعم من التوراة والإنجيل وسائر المعجزات الظاهرة بأيدي هذين النبيين الجليلين حسبما فصل في التنزيل الجليل، وإيثار - الإيتاء - لهذا التعميم، وتخصيص النبيين بالذكر لما أن الكلام مع - اليهود والنصارى -.
* (ومآ أوتي النبيون) * وهي الكتب التي خصت من خصته منهم، أو ما يشمل ذلك والمعجزات، وهو تعميم بعد التخصيص كيلا يخرج من الإيمان أحد من الأنبياء * (من ربهم) * متعلق ب * (أوتي) * قبله؛ والضمير - للنبيين - خاصة، وقيل: لموسى وعيسى أيضا، ويكون * (ما أوتي) * تكريرا للأولى، والجار متعلقا بها، وهو - على التقديرين - ظرف لغو، وجوز أن يكون في موضع الحال من العائد المحذوف، واحتمال أن يكون * (ما) * مبتدأ والجار خبره بعيد * (لا نفرق بين أحد منهم) * أي كما فرق أهل الكتاب، فآمنوا ببعض وكفروا ببعض - بل نؤمن بهم جميعا - وإنما اعتبر عدم التفريق بينهم، مع أن الكلام فيما أوتوه لاستلزام ذلك - عدم التفريق - فيه بين - ما أوتوه - و * (أحد) * أصله - وحد - بمعنى - واحد - وحيث وقع في سياق النفي عم واستوى فيه - الواحد والكثير - وصح إرادة كل منهما - وقد أريد به هنا الجماعة - ولهذا ساغ أن يضاف إليه (بين) ويفيد عموم الجماعات - كذا قاله بعض المحققين - وهو مخالف لما هو المشهور عند أرباب العربية من أن الموضوع في النفي العام أو المستعمل مع كل في الإثبات - همزته - أصلية بخلاف ما استعمل في الإثبات بدون كل فإن - همزته - منقلبة عن - واو - ومن هنا قال العلامة التفتازاني: إن (أحد) في معنى الجماعة بحسب الوضع لأنه اسم لمن يصلح أن يخاطب يستوي فيه المذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والمجموع، ويشترط أن يكون استعماله مع