تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١ - الصفحة ٢٨٧
وطال أمره فارض ومنه قوله: يا رب ذي ضعن على (فارض) * له قروء كقروء الحائض وكأن المسنة سميت - فارضا - لأنها - فرضت - سنها أي قطعتها وبلغت آخرها، و - البكر اسم للصغيرة، وزاد بعضهم - التي لم تلد من الصغر - وقال ابن قتيبة: هي التي ولدت ولدا واحدا، والبكر من النساء التي لم يمسها الرجال، وقيل: هي التي لم تحمل، والبكر من الأولاد الأول، ومن الحاجات الأولى - والبكر - بفتح الباء - الفتي من الإبل، والأنثى - بكرة - وأصله من التقدم في الزمان، ومنه - البكرة والباكورة - والاسمان صفة بقرة ولم يؤت - بالتاء - لأنهما اسمان لما ذكر، واعترضت * (لا) * بين الصفة والموصوف وكررت لوجوب تكريرها مع الخبر والنعت والحال إلا في الضرورة خلافا للمبرد وابن كيسان كقوله: قهرت العدا (لا مستعينا) بعصبة * ولكن بأنواع الخدائع والمكر ومن جعل ذلك من الوصف بالجمل فقدر مبتدأ أي لا هي فارض ولا بكر فقد أبعد، إذ الأصل الوصف بالمفرد، والأصل أيضا أن لا حذف، وذكر (يقول) للإشارة إلى أنه من عند الله تعالى لا من عند نفسه.
* (عوان بين ذلك) * أي متوسطة السن، وقيل: هي التي ولدت بطنا أو بطنين، وقيل: مرة بعد مرة ويجمع على فعل كقوله: طوال مثل أعناق الهوادي * نواعم بين أبكار (وعون) ويجوز ضم عين الكلمة في الشعر، وفائدة هذا بعد * (لا فارض ولا بكر) * نفي أن تكون عجلا أو جنينا، وأراد من ذلك ما ذكر من الوصفين السابقين وبهذا صح الإفراد وإضافة (بين) إليه فإنه لا يضاف إلا إلى متعدد وكون الكلام مما حذف منه المعطوف لدلالة المعنى عليه والتقدير عوان بين ذلك وهذا أي - الفارض والبكر - فيكون نظير قوله: فما كان بين الخير لو جاء سالما * أبو حجر (إلا ليال) قلائل حيث أراد بين الخير وباعثه تكلف مستغنى عنه بما ذكر. واختار السجاوندي أن المراد في وسط زمان الصلاح للعوان واعتداله تقول: سافرت إلى الروم وطفت بين ذلك، فالمشار إليه عوان وارتضاه بعض المحققين مدعيا أو أولى لئلا يفوت معنى بين ذلك لأن أهل اللغة قالوا: بقرة عوان (لا فارض ولا بكر) وعلى الشائع ربما يحتاج الأمر إلى تجريد كما لا يخفى، ثم إن عود الضمائر المذكورة في السؤال والجواب وإجراء تلك الصفات على بقرة يدل على أن المراد بها معينة لأن الأول: يدل على أن الكلام في البقرة المأمور بذبحها، والثاني: يفيد أن المقصد تعيينها وإزالة إبهامها بتلك الصفات كما هو شأن الصفة لا أنها تكاليف متغايرة بخلاف ما إذا ذكر تلك الصفات بدون الإجراء، وقيل: (إنها لا فارض ولا بكر) فإنه يحتمل أن يكون المقصود منه تبديل الحكم السابق، والقول: - بأنهم لما تعجبوا من بقرة ميتة يضرب ببعضها ميت فيحيا ظنوها معينة خارجة عما عليه الجنس فسألوا عن حالها وصفتها فوقعت الضمائر لمعينة باعتقادهم فعينت تشديدا عليهم وإن لم يكن المراد منها أول الأمر معينة - ليس بشيء لأنه حينئذ لم تكن الضمائر عائدة إلى ما أمروا بذبحها بل ما اعتقدوها، والظاهر خلافه واللازم على هذا تأخير البيان عن وقت الخطاب وليس بممتنع والممتنع تأخيره عن وقت الحاجة إلا عند من يجوز
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»