ذوي العلم نحو * (استعينوا بالصبر والصلاة) * (البقرة: 45). وقال غير واحد سلمنا أن الاستعانة لا تكون إلا بالذات إلا أن التبرك لا يكون بها وقد قالوا به ولهذا أو للفرق بين اليمين والتيمن أو لئلا يختص التبرك باسم دون اسم أو ليكون أشد وفاقا لحديث الابتداء على ما قيل قال بسم الله ولم يقل بالله ولم تكتب همزة الوصل مع أن الأصل في كل كلمة أن ترسم باعتبار ما يتلفظ بها في الوقف وفي الابتداء بل حذفت تبعا لحذفها في التلفظ للكثرة وقيل لأنها دخلت للابتداء بالسين الساكنة فلما نابت الباء عنها سقطت في الخط بخلاف * (اقرأ باسم ربك) * (العلق: 1) إذ الباء لا تنوب منهابها فيه إذ يمكن حذفها مع بقاء المعنى فيقال - اقرأ اسم ربك - وظاهره أن الذي منع من الاسقاط في الآية إمكان حذف الباء فقط وهو مخالف لما ذكره الدماميني من أنه لا بد للحذف من أمرين عدم ذكر المتعلق وإضافة لفظ اسم للجلالة وكلاهما منتف في الآية وهل يشترط تمام البسملة فيه؟ فيه تردد وظاهر كلام " التسهيل " اشتراطه. وقيل لا حذف فيه والباء داخلة على اسم أحد اللغات السابقة ثم سكنت السين هربا من توالي كسرتين أو انتقاله من كسرة لضمة وهو مع غرابته بعيد، وعندي أن هذا رسم عثماني وهو مما لا يكاد يعرف السر فيه أرباب الرسوم والكثير من عللهم غير مطردة وبذلك اعتذر البعض عن عدم حذف ألف الله مع كثرة استعماله واستغنى به عن الجواب بشدة الامتزاج وبأنها عوض وبأنه يلزم الاجحاف لو حذفت أو الالتباس بقولنا لله مجرورا فالرأي إبداء سر ذوقي لذلك وقد حرره الشيخ الأكبر قدس سره في " الفتوحات " بما لا مزيد عليه ولست ممن يفهمه والقريب من الفهم أن الهمزة إنما حذفت في الخط ليكون اتصال السين بالباء المشير إلى ما تقدم أتم وتلقي الفيض أقوى * (ومن يطع الرسول فقد أطاع الله) * (النساء: 80) * (ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة) * (فاطر: 45) وفيه إشارة من أول الأمر إلى عموم الرحمة وشمول البعثة لأن السين لما كان ساكنا وتوصل إلى النطق به بالألف أشبه حال المعدوم الذي ظهر بالله وحيث كان ذلك عاما إذ ما من معدوم يطلب الظهور إلا يكون ظهوره بالله سبحانه وتعالى أعطى ذلك الحكم لما قام مقامه واتصل اتصاله وأدى في اللفظ مؤداه فإن كان عبارة عن صفات الجمال ظهر عموم الرحمة * (ورحمتي وسعت كل شيء) * (الأعراف: 156) وإن كان عبارة عن الحقيقة المحمدية ظهر شمول البعثة * (ليكون للعالمين نذيرا) * (الفرقان: 1) بل والرحمة أيضا * (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) * (الأنبياء: 107) وتناسبت أجزاء البسملة إشارة وعبارة وإنما طولت الباء للإشارة إلى أن الظهور تام أو إلى أنها وإن انخفضت لكنها إذا اتصلت هذا الاتصال ارتفعت واستعلت، وفيه رمز إلى " أن من تواضع لله رفعه الله وأنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلى ". وقال الرسميون طولت لتدل على الألف المحذوفة ولتكون عوضا عنها وليكون افتتاح كتاب الله تعالى بحرف مفخم ولذا قال صلى الله عليه وسلم لمعاوية فيما روى " ألق الدواة وحرف القلم وانصب الباء وفرق السين ولا تعور الميم وحسن الله ومد الرحمن وجود الرحيم وضع قلمك على أذنك اليسرى فإنه أذكر لك " ولعل منه أخذ عمر بن عبد العزيز قوله لكاتبه طول الباء وأظهر السينات ودور الميم، ولبعضهم في التعليل ما ادعى أنه ليس من عمل الأفهام بل مبذولات الإلهام وهو في التحقيق من مبتذلات الأوهام وليس له في التحقيق أدنى إلمام على أن في تعليلهم السابق خفاء بالنظر إلى مشربهم أيضا فافهم ذلك كله و (الله) أصله الاعلالي إله كما في " الصحاح " أو الإله كما في " الكشاف " ولكل وجهة - فحذفت الهمزة اعتباطا على الأظهر وعوض عنها
(٥٤)