تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١ - الصفحة ٥٦
عندي وهو مع بنائه في موضع جر باللام المحذوفة واللام ومجرورها في موضع رفع خبر أبوك اه‍ ملخصا، قال ناظر الجيش: إنه لا مزيد عليه في الحسن، وأنا أقول لا بأس به لولا قوله إن الإله اسم لكل معبود فقد بالغ البلقيني في رده وادعى أنه لا يقع إلا على المعبود بالحق جل شأنه ومن أطلقه على غيره حكم الله بكفره وأرسل الرسل لدعائه وكان نظير إطلاق النصارى الله على عيسى على أن فيه ما يمكن الجواب عنه كما لا يخفى واشتقاقه من أله كعبد إلاهة كعبادة وألوهة كعبودة وألوهية كعبودية فإله صفة مشبهة بمعنى مألوه ككتاب بمعنى مكتوب وكونه مصدرا كما ذهب إليه المرزوقي وصاحب " المدارك " خلاف المشهور أو من أله كفرح إذا تحير لتحير العقول في كنه ذاته وصفاته وفيه أن الأصل في الاشتقاق أن يكون لمعنى قائم بالمشتق والحيرة قائمة بالخلق لا بالحق أو من ألهت إلى فلان إذا سكنت إليه * (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) * (الرعد: 28) أو من أله إذا فزع والله مفزوع إليه وهو يجير ولا يجار عليه أو من أله الفصيل إذا ولع بأمه والعباد مولعون بالتضرع إليه في الشدائد، وقيل هو من وله الواوي بمعنى تحير أيضا وأصله ولاه فقلبت الواو همزة لاستثقال الكسرة عليها فهو كإعاء وإشاح في وعاء ووشاح ويرده الجمع على آلهة دون أولهة وقلب الواو ألفا إذا لم تتحرك مخالف للقياس وتوهم أصالة الهمزة لعدم ولاه خلاف الظاهر ولعلك لا تعبأ بذلك هنا فالشأن عجيب، وزعم بعضهم أن أصله لاه مصدر لاه يليه أولاه يلوه ليها ولاها إذا ارتفع واحتجب وهو المحتجب بسرادقات الجلال والمرتفع عن إدراك الخيال وقد قرىء شاذا (وهو الذي في السماء لاه) وقول ميمون بن قيس الأعشى:
كحلفه من أبي رباح * يشهدها لاهه الكبار ووجه قطع الهمزة في حال النداء حينئذ بعض ما تقدم من الوجوه، وقيل أصله الكناية لأنها للغائب وهو سبحانه الغائب عن أن تدركه الأبصار أو تحيط به الأفكار، وأيضا الهاء يخرج مع الأنفاس فهو المذكور وإن لم تشعر الحواس ومتى انقطع خروجه انقطعت الحياة وحل بالحي الممات فبه وباسمه قوام الأرواح والأبدان واستقامة كل متنفس من الحيوان فزيد عليها لام الملك ثم مد بها الصوت تعظيما ثم ألزم اللام واستأنس لهذا أن الاسم الكريم إذا حذفت منه الهمزة بقي لله * (ولله جنود السموات والأرض) * (الفتح: 4) وإذا تركت اللام بقي على صورة له له ما في السموات الأرض) * (النحل: 52) وإن تركت اللام الباقية بقي الهاء المضمومة من هو * (لا إله إلا هو) * (البقرة: 163) والواو زائدة بدليل سقوطها في هما وهم فالأصل هو إذ لا يبقى سواه وأنت إذا أمعنت النظر يظهر لك مناسبات أخر ولهذا مال كثير من الصوفية إلى هذا القول وهو إلى المشرب قريب، وزعم البلخي أنه ليس بعربي بل هو عبراني أو سرياني معرب لاها ومعناه ذو القدرة ولا دليل عليه فلا يصار إليه واستعمال اليهود والنصارى لا يقوم دليلا إذ احتمال توافق اللغات قائم مع أن قولهم تأله وأله يأباه على أن التصرف فيه كما قيل بحذف
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»