تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١ - الصفحة ٥٣
وصنف في رده ابن السيد رسالة مستقلة وادعى الشهاب أنه إلى الآن لم يتحرر وأنه لم ير مع سعة اطلاعه في هذه المسألة ما فيه ثلج الصدور ولا شفاء الغليل ولم يأت رحمه الله تعالى في حواشيه على البيضاوي من قبل نفسه بشيء يزيح الإشكال ويريح البال وهنا أنا من فضل الله تعالى ذاكر شيئا إذا قبل فهو غاية ما أتمناه وقد يوجد في الاسقاط ما لا يوجد في الاسقاط وإن رد فقد رد قبلي كلام ألوف كل منهم فرد يقابل بصفوف وابن اللبون إذا ما لز في قرن * لم يستطع صولة البزل القناعيس فأقول: الاسم يطلق على نفس الذات والحقيقة والوجود والعين وهي عندهم أسماء مترادفة كما نقله الإمام أبو بكر بن فورك في كتابه الكبير في " الأسماء والصفات " والأستاذ أبو القاسم السهيلي في " شرح الارشاد " وهما ممن يعض عليه بالنواجذ، ومنه قوله تعالى: * (سبح اسم ربك) * (الأعلى: 1) إذ التسبيح في المعروف إنما يتوجه إلى الذات الأقدس وحمله على تنزيه اللفظ كحمله على المجاز والكناية مما لا يليق إذ بعد الثبوت لا يحتاج إليه ومن حفظ حجة على من لم يحفظ ويؤيده قوله تعالى: * (ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها) * (يوسف: 40) حيث أطلق الأسماء وأراد الذوات لأن الكفار إنما عبدوا حقيقة ذوات الأصنام دون ألفاظها وإن استقام على بعد، وقال سيبوية وهو إمام الصناعة وشيخ الجماعة: والفعل أمثلة أحداثت من لفظ أحدث الأسماء ومن العلوم أن الألفاظ لا إحداث لها فليس المراد إلا الذوات وهو بهذا المعنى عين المسمى ولا ينافيه أخذ الاسم من السمو لأن سمو المعلوم في الحقيقة إنما هو بوجوده إن كان موجودا حيث ارتفع عن نقص العدم وبمعقوليته عن الالتباس بمعلوم آخر إن لم يكن ولو كنا نرى الموجودات كلها ونعلم المعلومات بأسرها لم نحتج إلى مسمياتها لكن لما صحت غيبتها عنا لمانع في أبصارنا وبصائرنا احتجنا إلى ما يدلنا عليها في التخاطب والاخبار عنها فمن الله تعالى بهذه الأوضاع لطفا بنا وحكمة حكيم عليم فلما سمت المعلومات بمعقوليتها عن الالتباس وبوجود ما كان موجودا منها عن العدم قيل لها أسماء، ولما دلت الألفاظ عليها قيل لها ذلك أيضا تسمية للشيء باسم ما هو دليل عليه ويطلق الاسم أيضا على الدال وهو قسمان، قديم وهو ما سمى الله تعالى به نفسه في كلامه القديم والقول فيه كالقول في كلامه الذي هو صفة له من أنه لا عين ولا غير، وحادث وهو ما سمى به تعالى شأنه في غير ذلك وهو غير، فالمعتزلة لا يثبتون إلا القسم الثاني من هذا الإطلاق لعدم ثبوت الأول عندهم ولنفيهم الكلام القديم، وأهل السنة لما رأوا أن نزاعهم لهم في القسم الأول من الاطلاق الثاني يعود إلى النزاع من منشئه تركوه واكتفوا بالنزاع في المنشأ عنه حتى برهنوا فيه على مدعاهم ونوروا بالبينات القطيعة دعواهم وقد تقدم ذلك لك في المقدمات ونازعوهم في الاطلاق الأول وأثبتوه بظواهر الآيات ونقل الثقات وقالوا ضد قولهم أن الاسم عين المسمى فكأنه ترقى صورة من نفي الغيرية وإثبات لا ولا إلى القول بالعينية التي أنكروها ولعدم فهم المراد من ذلك اعترض بأنه لو كان الاسم هو المسمى لتكثر المسمى عند تكثر الأسماء وأيضا الأسماء تتبدل والمسمى لا يتبدل والاسم يطرأ بعد وجود المسمى والشيء لا يتقدم على نفسه ولا يتأخر فليس هو هو والكل غير وارد إلا على تقدير القول بالعينية بناء على القسم الثاني من الاطلاق الثاني وليس فليس، فاتضح من هذا أن قول المعتزلة بالغيرية ناشىء عن ضلالة في الاعتقاد، ومن يضلل الله فما له من هاد، والاسم في البسملة عند بعض بالمعنى الأول لأن الاستعانة بالألفاظ مجردها مما لا معنى لها وليس في التسعة والتسعين ما لفظه اسم فلا يحسن إلا أن يراد به الذات وأمر الإضافة هين وفيه انه فرق بين الاستعانة المتعدية بنفسها والاستعانة المتعدية بالباء المتعلقة بغير
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»