الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ١٢٤
فأخبره أن الملا يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين فلما أخذ في ثنيات الطريق جاء ملك على فرس بيده عنزة فلما رآه موسى عليه السلام سجد له من الفرق فقال لا تسجد لي ولكن اتبعني فتبعه وهداه نحو مدين فانطلق الملك حتى انتهى به إلى مدين فلما أتى الشيخ وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين فامر إحدى ابنتيه أن تأتيه بعصا وكانت تلك العصا عصا استودعه إياها ملك في صورة رجل فدفعها إليه فدخلت الجارية فأخذت العصا فاتته بها فلما رآها الشيخ قال لابنته ائتيه بغيرها فألقتها وأخذت تريد غيرها فلا يقع في يدها الا هي وجعل يرددها وكل ذلك لا يخرج في يديها غيرها فلما رأى ذلك عهد إليه فأخرجها معه فرعى بها ثم إن الشيخ ندم وقال كانت وديعة فخرج يتلقى موسى عليه السلام فلما رآه قال أعطني العصا فقال موسى عليه السلام هي عصاي فأبى أن يعطيه فاختصما فرضيا أن يجعلا بينهما أول رجل يلقاهما فأتاهما ملك يمشى فقضى بينهما فقال ضعوها في الأرض فمن حملها فهي له فعالجها الشيخ فلم يطقها وأخذها موسى عليه السلام بيده فرفعها فتركها له الشيخ فرعى له عشر سنين * وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال هو مؤمن آل فرعون جاء يسعى وفي قوله فخرج منها خائفا يترقب قال أن يأخذه الطلب * قوله تعالى (ولما توجه تلقاء مدين) الآية * أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ولما توجه تلقاء مدين قال عرضت لموسى عليه السلام أربعة طرق فلم يدر أيتها يسلك فقال عسى ربى أن يهديني سواء السبيل فاخذ طريق مدين * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله تلقاء مدين قال مدين ماء كان عليه شعيب * وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله عسى ربى أن يهديني سواء السبيل قال قصد السبيل الطريق إلى مدين * وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله عسى ربى أن يهديني سواء السبيل قال الطريق المستقيم قال فالتقى والله يومئذ خير أهل الأرض شعيب وموسى بن عمران * وأخرج أحمد في الزهد عن كعب بن علقمة رضي الله عنه قال إن موسى عليه السلام لما خرج هاربا من فرعون قال رب أوصني قال أوصيك لا تعدل بي شيئا أبدا الا اخترتني عليه فإني لا أرحم ولا أزكى من لم يكن كذلك قال وبماذا يا رب قال بأمك فإنها حملتك وهنا على وهن قال ثم بماذا يا رب قال إن أوليتك شيئا من أمر عبادي فلا تعيهم إليك في حوائجهم فإنك انما تعيى روحي فإني مبصر ومسمع ومشهد * قوله تعالى (ولما ورد ماء مدين) الآيات * أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال خرج موسى عليه السلام خائفا جائعا ليس معه زاد حتى انتهى إلى ماء مدين وعليه أمة من الناس يسقون وامرأتان جالستان بشياههما فسألهما ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير قال فهل قربكما ماء قالتا لا الا بئر عليها صخرة قد غطت بها لا يطيقها نفر قال فانطلقا فأريانيها فانطلقتا معه فقال بالصخرة بيده فنحاها ثم استقى لهما سجلا واحدا فسقى الغنم ثم أعاد الصخرة إلى مكانها ثم تولى إلى الظل فقال رب انى لما أنزلت إلى من خير فقير فسمعتا ما قال فرجعتا إلى أبيهما فاستنكر سرعة مجيئهما فسألهما فأخبرتاه فقال لإحداهما انطلقي فادعيه فاتته فقالت إن أبى يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فمشت بين يديه فقال لها امشي خلفي فإني امرؤ من عنصر إبراهيم لا يحل لي أن أنظر منك ما حرم الله على وارشديني الطريق فلما جاءه وقص عليه القصص قالت إحداهما يا أبت استأجره ان خير من استأجرت القوى الأمين قال لها أبوها ما رأيت من قوته وأمانته فأخبرته بالامر الذي كان قالت أما قوته فإنه قلب الحجر وحده وكان لا يقلبه الا النفر وأما أمانته فإنه قال امشي خلفي وارشديني الطريق لأني امرؤ من عنصر إبراهيم عليه السلام لا يحل لي منك ما حرمه الله تعالى قيل لابن عباس رضي الله عنهما أي الأجلين قضى موسى عليه السلام قال أبرهما وأوفاهما * وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال إن موسى عليه السلام لما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون فلما فرغوا أعادوا الصخرة على البئر ولا يطيق رفعها الا عشرة رجال فإذا هو بامرأتين
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست