الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ٣٥٣
وخلف إسماعيل وهاجر وذلك حين يقول الله وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت الآية * وأخرج عبد الرزاق في المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر عن عطاء بن أبي رياح قال لما اهبط الله آدم كان رجلاه في الأرض ورأسه في السماء فيسمع كلام أهل السماء ودعاءهم فيأنس إليهم فهابت الملائكة منه حتى شكت إلى الله في دعائها وفى صلاتها فأخفضه الله إلى الأرض فلما فقد ما كان يسمع منهم استوحش حتى شكا إلى الله في دعائه وفى صلاته فوجه لي مكة فكان موضع قدمه قرية وخطوه مفازة حتى انتهى إلى مكة فأنزل الله ياقوتة من ياقوت الجنة فكانت على موضع البيت الآن فلم يزل يطاف به حتى أنزل الله الطوفان فرفعت تلك الياقوتة حتى بعث الله إبراهيم فبناه فذلك قول الله وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت * وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم من طريق معمر عن قتادة قال وضع الله البيت مع آدم حين أهبط الله آدم إلى الأرض وكان مهبطه بأرض الهند وكان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض وكانت الملائكة تهابه فنقص إلى ستين ذراعا فحزن آدم إذ فقد أصوات الملائكة وتسبيحهم فشكا ذلك إلى الله فقال الله يا آدم انى قد أهبطت لك بيتا يطاف به كما يطاف حول عرشي ويصلى عنده كما يصلى عند عرشي فاخرج إليه فخرج إليه آدم ومد له في خطوه فكان بين كل خطوتين مفازة فلم تزل تلك المفاوز بعد على ذلك وأتى آدم فطاف به ومن بعده من الأنبياء قال معمر وأخبرني أبان أن البيت اهبط ياقوتة واحدة أو درة واحدة قال معمر وبلغني أن سفينة نوح طافت بالبيت سبعا حتى إذا أغرق الله قوم نوح فقد وبقى أساسه فبوأه الله لإبراهيم فبناه بعد ذلك فذلك قول الله وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت الآية قال معمر قال ابن جريج قال ناس أرسل الله سبحانه سحابة فيها رأس فقال الرأس يا إبراهيم ان ربك يأمرك أن تأخذ قدر هذه السحابة فجعل ينظر إليها ويخط قدرها قال الرأس قد فعلت قال نعم ثم ارتفعت فحفر فأبرز عن أساس ثابت في الأرض قال ابن جريج قال مجاهد أقبل الملك والصرد والسكينة مع إبراهيم من الشام فقالت السكينة يا إبراهيم ريض على البيت قال فلذلك لا يطوف البيت أعرابي ولا ملك من هذه الملوك الا رأيت عليه السكينة والوقار قال ابن جريج وقال ابن المسيب قال علي بن أبي طالب وكان الله استودع الركن أبا قبيس فلما بنى إبراهيم ناداه أبو قبيس فقال يا إبراهيم هذا الركن في فخذه فحفر عنه فوضعه فلما فرغ إبراهيم من بنائه قال قد فعلت يا رب فأرنا مناسكنا أبرزها لنا وعملناها فبعث الله جبريل فحج به حتى إذا رأى عرفة قال قد عرفت وكان أتاها قبل ذلك مرة قال فلذلك سميت عرفة حتى إذا كان يوم النحر عرض له الشيطان فقال احصب فحصبه بسبع حصيات ثم اليوم الثاني فالثالث فسد ما بين الجبلين يعنى إبليس فلذلك كان رمى الجمار قال أعل على ثبير فعلاه فنادى يا عباد الله أجيبوا الله يا عباد الله أطيعوا الله فسمع دعوته من بين الأبحر السبع ممن كان في قلبه مثقال ذرة من الايمان فهي التي أعطى الله إبراهيم في المناسك في قوله لبيك اللهم لبيك ولم يزل على وجه الأرض سبعة مسلمون فصاعدا فلولا ذل هلكت الأرض ومن عليها * وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار قال كان البيت غثاة وهي الماء قبل ان يخلق الله الأرض بأربعين عاما ومنه دحيت الأرض وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن السدى قال إن الله عز وجل أمر إبراهيم أن يبنى البيت هو وإسماعيل فانطلق إبراهيم حتى أتى مكة فقام هو وإسماعيل وأخذ المعاول لا يدريان أين البيت فبعث الله ريحا يقال لها ريح الخجوج لها جناحان ورأس في صورة حية فكنست لهما ما حول الكعبة من البيت الأول واتبعاها بالمعاول يحفران حتى وضعا الأساس فذلك حين يقول الله وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت فلما بنيا القواعد فبلغ مكان الركن قال إبراهيم لإسماعيل اطلب لي حجرا حسنا أضعه ههنا قال يا أبت انى كسلان لغب قال على ذلك فانطلق يطلب له حجرا فاتاه بحجر فلم يرضه فقال ائتني بحجر أحسن من هذا فانطلق يطلب حجرا فجاءه جبريل بالحجر الأسود من الجنة وكان أبيض ياقوتة بيضاء مثل الثغامة وكان آدم هبط به من الجنة فاسود من خطايا الناس فجاءه إسماعيل بحجر فوجد عنده الركن فقال يا أبت من جاءك بهذا قال جاءني به من هو أنشط منك فبينما هما يدعوان بالكلمات التي ابتلى بها إبراهيم ربه فلما فرغا من البنيان أمره الله ان ينادى فقال أذن في الناس بالحج * وأخرج ابن أبي حاتم عن حوشب بن عقيل قال سألت محمد بن عباد بن جعفر متى كان البيت قال خلقت الأشهر له قلت كم كان طول بناء إبراهيم قال ثمانية عشر ذراعا قلت كم هو اليوم قال
(٣٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 ... » »»
الفهرست