الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ٢٩٢
(ما كان لأهل المدينة) الآيتين * اخرج ابن أبي حاتم من طريق عمرو بن مالك عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما نزلت هذه الآية ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الاعراب ان يتخلفوا عن رسول الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي بعثني بالحق لولا ضعفاء الناس ما كانت سرية الا كنت فيها * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الاعراب ان يتخلفوا عن رسول الله قال هذا حين كان الاسلام قليلا فلما كثر الاسلام وفشا قال الله تعالى وما كان المؤمنون لينفروا كافة * وأخرج ابن أبي حاتم عن السدى في قوله لا يصيبهم ظمأ قال العطش ولا نصب قال العناء * وأخرج ابن أبي حاتم عن رجاء بن حياة ومكحول انهما كانا يكرهان التلثم من الغبار في سبيل الله * وأخرج ابن أبي حاتم عن الأوزاعي وعبد الله بن المبارك وإبراهيم بن محمد الفزاري وعيسى بن يونس السبيعي انهم قالوا في قوله تعالى ولا ينالون من عدو نيلا الا كتب لهم به عمل صالح قالوا هذه الآية للمسلمين إلى أن تقوم الساعة * وأخرج أبو الشيخ عن السدى في قوله ما كان لأهل المدينة الآية قال نسختها الآية التي تليها وما كان المؤمنون لينفروا كافة الآية * وأخرج الحاكم وابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة وخلف جعفرا في أهله فقال جعفر والله ما أتخلف عنك فخلفني فقلت يا رسول الله أتخلفني أي شئ تقول قريش أليس يقولون ما أسرع ما خذل ابن عمه وجلس عنه وأخرى ابتغى الفضل من الله لأني سمعت الله تعالى يقول ولا يطؤن موطئا يغيظ الكفار الآية قال اما قولك ان تقول قريش ما أسرع ما خذل ابن عمه وجلس عنه فقد قالوا انى ساحر وكاهن وأني كذاب فلك بي أسوة اما ترضى ان تكون منى بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي وأما قولك تبتغى الفضل من الله فقد جاءنا فلفل من اليمن فبعه وأنفق عليك وعلى فاطمة حتى يأتيكما الله منه برزق * قوله تعالى (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) الآية * أخرج أبو داود في ناسخه وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال نسخ هؤلاء الآيات انفروا خفافا وثقالا وان لا تنفروا يعذبكم عذابا أليما قوله وما كان المؤمنون لينفروا كافة يقول لتنفر طائفة ولتمكث طائفة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فالماكثون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هم الذين يتفقهون في الدين وينذروا إخوانهم إذا رجعوا إليهم من الغزو لعلهم يحذرون ما نزل من بعدهم من قضاء الله في كتابه وحدوده * وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في المدخل عن ابن عباس في قوله وما كان المؤمنون لينفروا كافة يعنى ما كان المؤمنون لينفروا جميعا ويتركوا النبي صلى الله عليه وسلم وحده فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة يعنى عصبة يعنى السرايا فلا يسيرون الا باذنه فإذا رجعت السرايا وقد نزل قرآن تعلمه القاعدون من النبي صلى الله عليه وسلم قالوا ان الله قد أنزل على نبيكم بعدنا قرآنا وقد تعلمناه فنمكث السرايا يتعلمون ما أنزل الله على نبيهم صلى الله عليه وسلم بعدهم ويبعث سرايا أخر فذلك قوله ليتفقهوا في الدين يقول يتعلمون ما أنزل الله على نبيه ويعلموه السرايا إذا رجعت إليهم لعلهم يحذرون * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وما كان المؤمنون لينفروا كافة قال ليست هذه الآية في الجهاد ولكن لما ادعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على مضر بالسنين أجدبت بلادهم فكانت القبيلة منهم تقبل بأسرها حتى يحلوا بالمدينة من الجهد ويعتلوا بالاسلام وهم كاذبون فضيقوا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجهدوهم فأنزل الله تعالى يخبر رسوله الله صلى الله عليه وسلم انهم ليسوا بمؤمنين فردهم إلى عشائرهم وحذر قومهم ان يفعلوا فعلهم ذلك قوله ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون * وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال كان المؤمنون يحرضهم على الجهاد إذا بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية خرجوا فيها وتركوا النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة في رقة من الناس فأنزل الله تعالى وما كان المؤمنون لينفروا كافة أمروا إذا بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية ان تخرج طائفة وتقيم طائفة فيحفظ المقيمون على الذين خرجوا ما أنزل الله من القرآن وما يسن من السنن فإذا رجع إخوانهم أخبروهم بذلك وعلموهم وإذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتخلف عنه أحد الا باذن أو عذر * وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن عكرمة قال لما نزلت ان لا تنفروا يعذبكم عذابا أليما
(٢٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»
الفهرست