الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ٢٨٩
تعالى والله ما تعمدت كلمة منذ قلت ذلك إلى يومى هذا كذبا وأني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقى وأنزل الله لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار إلى قوله وكونوا مع الصادقين فوالله ما أنعم الله على من نعمة قط بعد أن هداني الله للاسلام أعظم في نفسي من صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ان لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوه فان الله قال للذين كذبوه حين أنزل الوحي شر ما قال لأحد فقال سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فاعرضوا عنهم انهم رجس إلى قوله الفاسقين قال وكنا خلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خلفوا فبايعهم واستغفر لهم وأرجا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا حتى قضى الله فيه فبذلك قال وعلى الثلاثة الذين خلفوا وليس تخليفه إيانا وارجاؤه أمرنا الذي ذكر مما خلفنا بتخلفنا عن الغزو وانما هو عن حلف له واعتذر إليه فقبل منه * وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال لما نزلت توبتي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقبلت يده وركبتيه وكسوت المبشر ثوبين * وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه وعلى الثلاثة الذي خلفوا قال الذين أرجؤا في وسط براءة قوله وآخرون مرجون لأمر الله هلال بن أمية ومرارة بن ربيعة وكعب بن مالك * وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه وعلى الثلاثة الذين خلفوا مثقلة يقول عن غزوة تبوك * وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك تخلف كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع قال أما أحدهم فكان له حائط حين زها قد فشت فيه الحمرة والصفرة فقال غزوت وغزوت وغزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلو أقمت العام في هذا الحائط فأصبت منه فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه دخل حائطه فقال ما خلفني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما استبق المؤمنون في الجهاد في سبيل الله الا ضن بك أيها الحائط اللهم إني أشهدك انى تصدقت به في سبيلك وأما الآخر فكان قد تفرق عنه من أهله ناس واجتمعوا له فقال غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وغزوت فلو انى أقمت العام في أهلي فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال ما خلفني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما استبق إليه المجاهدون في سبيل الله الا ضن بكم أيها الاهل اللهم ان لك على أن لا أرجع إلى أهلي ومالي حتى أعلم ما تقضى في وأما الآخر فقال اللهم ان لك على أن ألحق بالقوم حتى أدركهم أو أنقطع فجعل يتتبع الدقع والحزونة حتى لحق بالقوم فأنزل الله لقد تاب الله على النبي إلى قوله وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت قال الحسن رضي الله عنه يا سبحان الله والله ما أكلوا مالا حراما ولا أصابوا دما حراما ولا أفسدوا في الأرض غير أنهم أبطأوا عن شئ من الخير الجهاد في سبيل الله وقد والله جاهدوا وجاهدوا وجاهدوا فبلغ منهم ما سمعتم فهكذا بلغ الذنب من المؤمن * وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك في قوله وعلى الثلاثة الذين خلفوا يعنى خلفوا عن التوبة لم يتب عليهم حتى تاب الله على أبى لبابة وأصحابه * وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ وابن عساكر عن عكرمة في قوله وعلى الثلاثة الذين خلفوا عن التوبة * وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة ابن خالد المخزومي انه كان يقرؤها وعلى الثلاثة الذين خلفوا نصب أي بعد محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه * وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال دعا الله إلى توبته من قال أنا ربكم الأعلى وقال ما علمت لكم من إله غيري ومن آيس العباد من التوبة بعد هؤلاء فقد جحد كتاب الله ولكن لا يقدر العبد أن يتوب حتى يتوب الله عليه وهو قوله ثم تاب عليهم ليتوبوا فبدء التوبة من الله عز وجل * قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله) الآية * أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن نافع في قوله يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين قال نزلت في الثلاثة الذين خلفوا قيل لهم كونوا مع محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه * وأخرج ابن المنذر عن كعب بن مالك قال فينا نزلت أيضا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين * وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عمر في قوله يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين قال مع محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه * وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله وكونوا مع الصادقين قال مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن الضحاك في قوله يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»
الفهرست