الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ٢٦
قال ألا تأكلون فلما لم تجبه قال مالكم لا تنطقون ثم إن إبراهيم أتى قومه فدعاهم فجل يدعو قومه وينذرهم فحبسوه في بيت وجمعوا له الحطب حتى أن المرأة لتمرض فتقول لئن عافاني الله لأجمعن لإبراهيم حطبا فلما جمعوا له وأكثروا من الحطب حتى أن كان الطير ليمر بها فيحترق من شدة وهجها وحرها فعمدوا إليه فرفعوه إلى رأس البنيان فرفع إبراهيم رأسه إلى السماء فقالت السماء والأرض والجبال والملائكة ربنا إبراهيم يحرق فيك قال أنا أعلم به فان دعاكم فأغيثوه وقال إبراهيم حين رفع رأسه إلى السماء اللهم أنت الواحد في السماء وأنا الواحد في الأرض ليس أحد يعبدك غيري حسبي الله ونعم الوكيل فقذفوه في النار فناداها فقال يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم وكان جبريل هو الذي ناداها فقال ابن عباس لو لم يتبع بردا سلاما لمات إبراهيم من بردها ولم يبق يومئذ في الأرض نار الا طفئت ظنت انها هي تعنى فلما طفئت النار نظروا إلى إبراهيم فإذا هو ورجل آخر معه ورأس إبراهيم في حجره يمسح عن وجهه العرق وذكر ان ذلك الرجل ملك الظل فأنزل الله نارا فانتفع بها بنو آدم وأخرجوا إبراهيم فأدخلوه على الملك ولم يكن قبل ذلك دخل عليه فكلمه * وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن السدى في قوله رأى كوكبا قال هو المشترى وهو الذي يطلع نحو القبلة عند المغرب * وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن زيد بن علي في قوله رأى كوكبا قال الزهرة * وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله فلما أفل أي ذهب * وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله لا أحب الآفلين قال الزائلين * وأخرج الطستي عن ابن عباس ان نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله فلما أفلت قال فلما زالت الشمس عن كبد السماء قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت كعب بن مالك الأنصاري وهو يرثى النبي صلى الله عليه وسلم ويقول فتغير القمر المنير لفقده * والشمس قد كسفت وكادت تأفل قال أخبرني عن قوله عز وجل حنيفا قال دينا مخلصا قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت حمزة بن عبد المطلب وهو يقول حمدت الله حين هدى فؤادي * إلى الاسلام والدين الحنيف وقال أيضا رجل من العرب يذكر بنى عبد المطلب وفضلهم أقيموا لنا دينا حنيفا فأنتمو * لنا غاية قد نهتدي بالذوائب * وأخرج أبو الشيخ عن عطاء في قوله حنيفا قال مخلصا * وأخرج مسلم والنسائي وابن مردويه عن عياض بن حمار المجاشعي انه شهد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم فسمعه يقول إن الله أمرني أن أعلمكم ما جهلتم من دينكم مما علمني يومى هذا ان كل مال نحلته عبدا فهو له حلال وأني خلقت عبادي حنفاء كلهم وانه أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا * وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن مردويه والبيهقي في سننه عن علي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استفتح الصلاة كبر ثم قال وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين * قوله تعالى (وحاجه قومه) الآيتين * أخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله وحاجه قومه يقول خاصموه * وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أتحاجوني قال أتخاصمونني * وأخرج عبد بن حميد عن عاصم انه قرأ أتحاجوني مشددة النون * وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله وحاجه قومه قال دعوا مع الله إلها قال أتحاجوني في الله وقد هدان وقد عرفت ربى خوفوه بآلهتهم أن يصيبه منها خبل فقال ولا أخاف ما تشركون به ثم قال وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أيها المشركون انكم أشركتم * وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله فأي الفريقين أحق بالأمن قال قول إبراهيم حين سألهم أي الفريقين أحق بالأمن ومن حجة إبراهيم * وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله فأي الفريقين أحق بالأمن أمن خاف غير الله ولم يخفه أم من خاف الله ولم يخف غيره فقال الله الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم أولئك لهم الامن وهم مهتدون * قوله تعالى (الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم) الآية * أخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والدار قطني في الافراد وأبو الشيخ وابن مردويه
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»
الفهرست