الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ٢٢٨
فيه أبو بكر رضي الله عنه إلى المشركين يا أيها الذين آمنوا انما المشركون نجس فكان المشركون يوافون بالتجارة فينتفع بها المسلمون فلما حرم الله تعالى على المشركين ان يقربوا المسجد الحرام وجد المسلمون في أنفسهم مما قطع عنهم من التجارة التي كان المشركون يوافون بها فأنزل الله تعالى وان خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله ان شاء فأجل في الآية لأخرى التي تتبعها الجزية ولم تكن تؤخذ قبل ذلك فجعلها عوضا مما منعهم من موافاة المشركين بتجاراتهم فقال قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر إلى قوله صاغرون فلما أحق الله ذلك للمسلمين عرفوا انه قد عاوضهم أفضل ما كانوا وجدوا عليه مما كان المشركون يوافون به من التجارة * وأخرج ابن عساكر عن أبي امامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال القتال قتالان المشركين حتى يؤمنوا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وقتال الفئة الباغية حتى تفئ إلى أمر الله فإذا فاءت أعطيت العدل * وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في سننه عن مجاهد رضي الله عنه في قوله قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله الآية قال نزلت هذه حين أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه بغزوة تبوك * وأخرج ابن المنذر عن ابن شهاب رضي الله عنه قال أنزلت في كفار قريش والعرب وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله وأنزلت في أهل الكتاب قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر إلى قوله حتى يعطوا الجزية فكان أول من أعطى الجزية أهل نجران * وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجزية عن يد قال جزية الأرض والرقبة جزية الأرض والرقبة * وأخرج النحاس في ناسخه والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر قال نسخ بهذا العفو عن المشركين * وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في الآية قال لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتال من يليه من العرب أمره بجهاد أهل الكتاب * وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله يعنى الذين لا يصدقون بتوحيد الله ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله يعنى الخمر والخنزير ولا يدينون دين الحق يعنى دين الاسلام من الذين أوتوا الكتاب يعنى من اليهود والنصارى أوتوا الكتاب من قبل المسلمين أمة محمد صلى الله عليه وسلم حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون بعني يذلون * واخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله عن يد قال عن قهر * وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة رضي الله عنه في قوله عن يد قال من يده ولا يبعث بها مع غيره * وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي سنان رضي الله عنه في قوله عن يد قال عن قدرة * واخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عن يد وهم صاغرون قال ولا يلكزون * واخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سلمان رضي الله عنه في قوله وهم صاغرون قال غير محمودين * وأخرج ابن أبي حاتم عن المغيرة رضي الله عنه انه بعت إلى رستم فقال له رستم الام تدعو فقال له أدعوك إلى الاسلام فان أسلمت فلك مالنا وعليك ما علينا قال فان أبيت قال فتعطى الجزية عن يد وأنت صاغر فقال لترجمانه قل له أما اعطاء الجزية فقد عرفتها فما قولك وأنت صاغر قال تعطيها وأنت قائم وأنا جالس والسوط على رأسك * واخرج أبو الشيخ عن سلمان رضي الله عنه انه قال لأهل حصن حاصرهم الاسلام أو الجزية وأنتم صاغرون قالوا وما الجزية قال نأخذ منكم الدراهم والتراب على رؤسكم * وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن سلمان رضي الله عنه انه انتهى إلى حصن فقال إن أسلمتم فلكم مالنا وعليكم ما علينا وان أنتم أبيتم فأدوا الجزية وأنتم صاغرون فان أبيتم فأنبذناكم على سواء ان الله لا يحب الخائنين * وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال أحب لأهل الذمة ان يتعبوا في أداء الجزية لقول الله تعالى حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون * وأخرخ ابن أبي شيبة عن مسروق رضي الله عنه قال لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن أمره ان يأخذ من كل حالم دينارا أو عدله معافر * وأخرج ابن أبي شيبة عن الزهري رضي الله عنه قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية من مجوس أهل هجر ومن يهود اليمن ونصاراهم من كل حالم دينار * وأخرج ابن أبي شيبة عن بجالة قال لم يأخذ عمر رضي الله عنه الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»
الفهرست