ثم قال أشيروا على فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله انها قريش وعزها والله ما ذلت منذ عزت ولا آمنت منذ كفرت والله لتقاتلنك فتأهب لذلك أهبته واعدد له عدته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أشيروا على فقال المقداد بن عمرو انا لا نقول كما قال أصحاب موسى اذهب أنت وربك فقاتلا انها ههنا قاعدون ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا انا معكم متبعون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أشيروا على فلما رأى سعد بن معاذ كثرة استشارة النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه فيشيرون فيرجع إلى المشورة ظن سعد انه يستنطق الأنصار شفقا ان لا يستحوذوا معه على ما يريد من أمره فقال سعد بن معاذ لعلك يا رسول الله تخشى ان لا تكون الأنصار يريدون مواساتك ولا يرونها حقا عليهم الا بان يروا عدوا في بيوتهم وأولادهم ونسائهم وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم يا رسول الله فاظعن حيث شئت وخذ من أموالنا ما شئت ثم أعطنا ما شئت وما أخذته منا أحب إلينا مما تركت وما ائتمرت من أمر فأمرنا بأمرك فيه تبع فوالله لو سرت حتى تبلغ البركة من ذي يمن لسرنا معك فلما قال ذلك سعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيروا على اسم الله فإني قد رأيت مصارع القوم فعمد لبدر وخفض أبو سفيان فلصق بساحل البحر وكتب إلى قريش حين خالف مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأى أن قد أحرز ما معه وأمرهم ان يرجعوا فإنما خرجتم لتحرزوا ركبكم فقد أحرز لكم فلقيهم هذا الخبر بالجحفة فقال أبو جهل والله لا نرجع حتى نقدم بدرا فنقيم بها ونطعم من حضرنا من العرب فإنه لن يرانا أحد فيقاتلنا فكره ذلك الأخنس بن شريق فأحب ان يرجعوا وأشار عليهم بالرجعة فأبوا وعصوا وأخذتهم حمية الجاهلية فلما يئس الأخنس من رجوع قريش أكب على بنى زهرة فأطاعوه فرجعوا فلم يشهد أحد منهم بدرا وأغبطوا برأي الأخنس وتبركوا به فلم يزل فيهم مطاعا حتى مات وأرادت بنو هاشم الرجوع فيمن رجع فاشتد عليهم أبو جهل وقال والله لا تفارقنا هذه العصابة حتى نرجع وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل أدنى شئ من بدر ثم بعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وبسبسا الأنصاري في عصابة من أصحابه فقال لهم اندفعوا إلى هذه الظراب وهي في ناحية بدر فإني أرجو ان تجدوا الخبر عند القليب الذي يعلى الظراب فانطلقوا متوشحي السيوف فوجدوا وارد قريش عند القليب الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذوا غلامين أحدهما لبني الحجاج بن الأسود والآخر لأبي العاصي يقال له أسلم وأفلت أصحابهما قبل قريش فاقبلوا بهما حتى أتوا بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في معرشه دون الماء فجعلوا يسألون العبدين عن أبي سفيان وأصحابه لا يرون الا انهما لهم فطفقا يحدثانهم عن قريش ومن خرج منهم وعن رؤسهم فيكذبونهما وهم أكره شئ للذي يخبرانه وكانوا يطمعون بأبي سفيان وأصحابه ويكرهون قريشا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما يصلى يسمع ويرى الذي يصنعون بالعبدين فجعل العبدان إذا أذلقوهما بالضرب يقولان نعم هذا أبو سفيان ولركب كما قال الله تعالى أسفل منكم قال الله إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضى الله أمرا كان مفعولا قال فطفقوا إذا قال العبدان هذه قريش قد جاءتكم كذبوهما وإذا قالا هذا أبو سفيان تركوهما فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم صنيعهم بهما سلم من صلاته وقال ماذا أخبراكم قالوا أخبرانا ان قريشا قد جاءت قال فإنهما قد صدقا والله انكم لتضربونهما إذا صدقا وتتركونهما إذا كذبا خرجت قريش لتحرز ركبها وخافوكم عليهم ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم العبدين فسألهما فأخبراه بقريش وقالا لا علم لنا بأبي سفيان فسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم كم القوم قالا لا ندري والله هم كثير فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أطعمهم أمس فسميا رجلا من القوم قال كم نحر لهم قالا عشر جزائر قال فمن أطعمهم أول أمس فسميا رجلا آخر من القوم قال كم نحر لهم قالا تسعا فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال القوم ما بين التسعمائة والألف يعتبر ذلك بتسع جزائر ينحرونها يوما وعشر ينحرونها يوما فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أشيروا على في المسير فقام الحباب بن المنذر أحد بنى سلمة فقال يا رسول الله أنا عالم بها وبقلبها ان رأيت أن تسير إلى قليب منها قد عرفتها كثيرة الماء عذبة فتنزل إليها ويسبق القوم إليها ونغور ما سواها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيروا فان الله قد وعدكم أحد الطائفتين انها
(١٦٦)