الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ١٦٤
عليه وسلم في لقاء لعدو وقال له سعد بن عبادة ما قال وذلك يوم بدر أمر الناس فتعبوا للقتال وأمرهم بالشوكة فكره ذلك أهل الايمان فأنزل الله كما أخرجك ربك من بيتك بالحق إلى قوله وهم ينظرون أي كراهية للقاء المشركين * وأخرج البزار وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه وابن عساكر عن عبد الرحمن بن عوف قال نزل الاسلام بالكره والشدة فوجدنا خير الخير في الكره خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من مكة فأسكننا سبخة بين ظهراني حرة فجعل الله لنا في ذلك العلا والظفر وخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر على الحال التي ذكر الله وان فريقا من المؤمنين لكارهون إلى قوله وهم ينظرون فجعل الله لنا في ذلك العلا والظفر فوجدنا خير الخير في الكره * وأخرج ابن جرير عن الزبيري قال كان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العير * قوله تعالى (وإذ يعدكم الله) الآيتين * أخرج البيهقي في الدلائل عن ابن شهاب وموسى بن عقبة قالا مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قتل ابن الحضرمي شهرين ثم أقبل أبو سفيان بن حرب في عير لقريش من الشام ومعها سبعون راكبا من بطون قريش كلها وفيهم مخرمة بن نوفل وعمرو بن العاص وكانوا تجارا بالشام ومعهم خزائن أهل مكة ويقال كانت عيرهم ألف بعير ولم يكن لأحد من قريش أوقية فما فوقها الا بعث بها مع أبي سفيان الا حويطب بن عبد العزى فلذلك كان تخلف عن بدر فلم يشهده فذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقد كانت الحرب بينهم قبل ذاك وقتل ابن الحضرمي وأسر الرجلين عثمان والحكم فلما ذكرت عير أبى سفيان لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عدى بن أبي الزغباء الأنصاري من بنى غنم وأصله من جهينة وبسبس يعنى ابن عمرو إلى العير عينا له فسارا حتى أتيا حيا من جهينة قريبا من ساحل البحر فسألوهم عن العير وعن تجار قريش فأخبروهما بخبر القوم فرجعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه فاستنفر المسلمين للعير وذلك في رمضان وقدم أبو سفيان على الجهنيين وهو متخوف من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقال أحسوا من محمد فأخبروه خبر الراكبين عدى بن أبي الزغباء وبسبس وأشاروا له إلى مناخهما فقال أبو سفيان خذوا من بعر بعيرهما ففته فوجد فيه النوى فقال هذه علائف أهل يثرب وهذه عيون محمد وأصحابه فساروا سراعا خائفين للطلب وبعث أبو سفيان رجلا من بنى غفار يقال له ضمضم بن عمرو إلى قريش ان انفروا فاحموا عيركم من محمد وأصحابه فإنه قد استنفر أصحابه ليعرضوا لنا وكانت عاتكة بنت عبد المطلب ساكنة بمكة وهي عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مع أخيها العباس بن عبد المطلب فرأت رؤيا قبل بدر وقبل قدوم ضمضم عليهم ففزعت منها فأرسلت إلى أخيها العباس بن عبد المطلب من ليلتها فجاءها العباس فقالت رأيت الليلة رؤيا قد أشفقت منها وخشيت على قومك منها الهلكة قال وماذا رأيت قالت لن أحدثك حتى تعاهدني انك لا تذكرها فإنهم ان سمعوها آذونا وأسمعونا مالا نحب فلما عاهدها العباس فقالت رأيت راكبا أقبل من أعلى مكة على راحلته يصيح بأعلى صوته يا آل غدر اخرجوا في ليلتين أو ثلاث فاقبل يصيح حتى دخل المسجد على راحلته فصاح ثلاث صيحات ومال عليه رجال والنساء والصبيان وفزع له الناس أشد الفزع قالت ثم أراه مثل على ظهر الكعبة على راحلته فصاح ثلاث صيحات فقال يا آل غدر ويا آل فجر اخرجوا في ليلتين أو ثلاث ثم أراه مثل على ظهر أبى قبيس كذلك يقول يا آل غدر ويا آل فجر حتى أسمع من بين الأخشبين من أهل مكة ثم عمد إلى صخرة فنزعها من أصلها ثم أرسلها على أهل مكة فأقبلت الصخرة لها حس شديد حتى إذا كانت عند أصل الجبل ارفضت فلا أعلم بمكة دارا ولا بيتا الا وقد دخلتها فلقة من تلك الصخرة فقد خشيت على قومك ففزع العباس من رؤياها ثم خرج من عندها فلقى الوليد بن عتبة بن ربيعة من آخر تلك الليلة وكان الوليد خليلا للعباس فقص عليه رؤيا عاتكة وأمره ان لا يذكرها لأحد فذكرها الوليد لأبيه عتبة وذكرها عتبة لأخيه شيبة فارتفع الحديث حتى بلغ أبا جهل بن هشام واستفاض في أهل مكة فلما أصبحوا غدا العباس يطوف بالبيت فوجد في المسجد أبا جهل وعتبة وشيبة ابني ربيعة وأمية وأبى ابني خلف وزمعة بن الأسود وأبا البختري في نفر من قريش يتحدثون فلما نظروا إلى العباس ناداه أبو الجهل يا أبا الفضل إذا قضيت طوافك فهلم إلينا فلما قضى طوافه جاء فجلس إليهم فقال
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست