الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٢ - الصفحة ١٩
جرير ابن أبي حاتم من وجه آخر عن مجاهد في قوله محررا قال خالصا لا يخالطه شئ من أمر الدنيا * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال كانت امرأة عمران حررت لله ما في بطنها وكانوا انما يحررون الذكور وكان المحرر إذا حرر جعل في الكنيسة لا يبرحها يقوم عليها ويكنسها وكانت المرأة لا تستطيع ان تصنع بها ذلك لما يصيبها من الأذى فعند ذلك قالت وليس الذكر كالأنثى * وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير محررا قال جعلته لله والكنيسة فلا يحال بينه وبين العبادة * وأخرج ابن المنذر عن الضحاك قال كانت المرأة في زمان بني إسرائيل إذا ولدت غلاما أرضعته ورتبه حتى إذا أطاق الخدمة دفعته إلى الذين يدرسون الكتب فقالت هذا محرر لكم يخدمكم * وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال إن امرأة عمران كانت عجوز عاقرا تسمى خنة وكانت لا تلد فجعلت تغبط النساء لأولادهن فقالت اللهم ان على نذرا شكرا ان رزقتني ولدا ان أتصدق به على بيت المقدس فيكون من سدنته وخدامه فلما وضعتها قالت رب انى وضعتها أنثى وليس الذكر كالأنثى يعنى في المحيض ولا ينبغي لامرأة ان تكون مع الرجال ثم خرجت أم مريم تحملها في خرقتها إلى بنى الكاهن بن هارون أخي موسى قال وهم يومئذ يلون من بين المقدس ما يلي الحجبة من الكعبة فقالت لهم دونكم هذه النذيرة فإني حررتها وهي ابنتي ولا يدخل الكنيسة حائض وأنا لا أردها إلى بيتي فقالوا هذه ابنة إمامنا وكان عمران يؤمهم في الصلاة فقال زكريا ادفعوها إلى فان خالتها تحتي فقالوا لا تطيب أنفسما بذلك فذلك حين اقترعوا عليها بالأقلام التي يكتبون بها التوراة فقرعهم زكريا فكفلها * وأخرج سعيد بن منصور عن عباس انه كان يقرأ والله أعلم بما وضعت * وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك انه قرأ بما وضعت برفع التاء * وأخرج عبد بن حميد عن عاصم بن أبي النجود انه كان يقرؤها برفع التاء * وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن سفيان بن حسين والله أعلم بما وضعت قال على وجه الشكاية إلى الرب تبارك وتعالى * وأخرج عبد بن حميد عن الأسود انه كان يقرؤها والله أعلم بما وضعت بنصب العين * وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم انه كان يقرؤها أعلم بما وضعت بنصب العين * قوله تعالى (وأني أعيذها) * الآية * أخرج عبد الرزاق وأحمد والبخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مولود يولد الا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخا من مس الشيطان إياه الا مريم وابنها ثم قال أبو هريرة واقرؤا ان شئتم وأني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل مولود من ولد آدم له طعنة من الشيطان وبها يستهل الصبى الا ما كان من مريم بنت عمر ان وولدها فان أمها قالت حين وضعتها وأني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم فضرب بينهما حجاب فطعن في الحجاب * وأخرج ابن جرير عن هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مولود يولد الا وقد عصره الشيطان عصرة أو عصرتين الا عيسى بن مريم ومريم ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم انى أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم * وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال ما ولد الا قد استهل غير المسيح ابن مريم لم يسلط عليه الشيطان ولم ينهزه * وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن عساكر عن وهب بن منبه قال لما ولد عيسى عليه السلام أتت الشياطين إبليس فقالوا أصبحت الأصنام قد نكست رؤسها فقال هذا حدث مكانكم فطار حتى جاب خافقي الأرض فلم يجد شيئا ثم جاء البحار فلم يقدر على شئ طار أيضا فوجد عيسى عليه السلام قد ولد عند مدود حمار وإذا الملائكة قد حفت حوله فرجع إليهم فقال إن نبيا قد ولد البارحة ما حملت أنثى قط ولا وضعت الا وانا بحضرتها الا هذا فأيسوا ان تعبد الأصنام بعد هذه الليلة ولكن أتوا بني آدم من قبل الخفة والعجلة * وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله وأني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم قال ذكر لنا ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كل بني آدم طعن الشيطان في جنبه الا عيسى بن مريم وأمه جعل بينهما وبينه حجاب فأصابت الطعنة الحجاب ولم ينفذ إليهما شئ وذكر لنا انهما كانا لا يصيبان الذنوب كما يصيبه سائر بني آدم وذكر لنا ان عيسى عليه السلام كان يمشى على البحر كما يمشى على البر مما أعطاه الله من اليقين والاخلاص * وأخرج ابن جرير عن الربيع وأني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم قال إن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل آدمي طعن
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة