الإتقان في علوم القرآن - السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٢٣٠
والأصل (لنا) * (أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين رحمة من ربك) * والأصل (منا) * (إني رسول الله إليكم جميعا) * إلى قوله * (فآمنوا بالله ورسوله) * والأصل (وبي) وعدل عنه لنكتتين إحداهما دفع التهمة عن نفسه بالعصبية لها والأخرى تنبيههم على استحقاقه الاتباع بما اتصف به من الصفات المذكورة والخصائص المتلوة 4978 ومثاله من الخطاب إلى التكلم لم يقع في القرآن ومثل له بعضهم بقوله * (فاقض ما أنت قاض) * ثم قال * (إنا آمنا بربنا) * وهذا المثال لا يصح لأن شرط الالتفات أن يكون المراد به واحدا 4979 ومثاله من الخطاب إلى الغيبة * (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم) * والأصل (بكم) ونكتة العدول عن خطابهم إلى حكاية حالهم لغيرهم التعجب من كفرهم وفعلهم إذ لو استمر على خطابهم لفاتت تلك الفائدة 4980 وقيل لأن الخطاب أولا كان مع الناس مؤمنهم وكافرهم بدليل * (هو الذي يسيركم في البر والبحر) * فلو كان (وجرين بكم) للزم الذم للجميع فالتفت عن الأول للإشارة إلى اختصاصه بهؤلاء الذين شأنهم ما ذكره عنهم في آخر الآية عدولا من الخطاب العام إلى الخاص 4981 قلت ورأيت عن بعض السلف في توجهه عكس ذلك وهو أن الخطاب أوله خاص وآخره عام فأخرجه ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنه قال في قوله * (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم) * قال ذكر الحديث عنهم ثم حدث عن غيرهم ولم يقل (وجرين بكم) لأنه قصد أن يجمعهم وغيرهم وجرين بهؤلاء وغيرهم من الخلق هذه عبارته فلله در السلف ما كان أوقفهم على المعاني اللطيفة التي يدأب المتأخرون فيها زمانا طويلا ويفنون فيها أعمارهم ثم غايتهم أن يحرموا حول الحمى ومما ذكر في توجيهه أيضا أنهم وقت الركوب حضروا لأنهم خافوا الهلاك وغلبة الرياح فخاطبهم خطاب الحاضرين ثم لما جرت الرياح بما تشتهى السفن وأمنوا الهلاك لم يبق حضورهم كما كان على عادة
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»