الإنسان أنه إذا أمن غالب قلبه عن ربه فلما غابوا ذكرهم الله بصيغة الغيبة وهذه إشارة صوفية 4982 ومن أمثلته أيضا * (وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون) * * (وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون) * * (ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون يطاف عليهم) * والأصل (عليكم) ثم قال * (وأنتم فيها خالدون) * فكرر الالتفات 4983 ومثاله من الغيبة إلى التكلم * (والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه) * * (وأوحى في كل سماء أمرها وزينا) * * (سبحان الذي أسرى بعبده) * إلى قوله * (باركنا حوله لنريه من آياتنا) * ثم التفت ثانيا إلى الغيبة فقال * (إنه هو السميع البصير) * وعلى قراءة الحسن (ليريه) بالغيبة يكون التفاتا ثانيا من (باركنا) وفي (آياتنا) التفات ثالث وفي (إنه) التفات رابع قال الزمخشري وفائدته في هذه الآيات وأمثالها التنبيه على التخصيص بالقدرة وأنه لا يدخل تحت قدرة أحد 4984 ومثاله من الغيبة إلى الخطاب * (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا) * * (ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم) * * (وسقاهم ربهم شرابا طهورا إن هذا كان لكم جزاء) * * (إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك) * 4985 ومن محاسنه ما وقع في سورة الفاتحة فإن العبد إذا ذكر الله تعالى وحده ثم ذكر صفاته التي كل صفة منها تبعث على شدة الإقبال وآخرها * (مالك يوم الدين) * المفيد أنه مالك الأمر كله في يوم الجزاء يجد من نفسه حاملا لا يقدر على دفعه على خطاب من هذه صفاته بتخصيصه بغاية الخضوع والاستعانة في المهمات وقيل إنما اختير لفظ الغيبة للحمد وللعبادة الخطاب للإشارة إلى أن الحمد دون العبادة في الرتبة لأنك تحمد نظيرك ولا تعبده فاستعمل لفظ (الحمد) مع الغيبة ولفظ (العبادة) مع الخطاب لينسب إلى العظيم حال المخاطبة والمواجهة
(٢٣١)