الإتقان في علوم القرآن - السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٢٢٩
الغيبة إلى آخر منها بعد التعبير بالأول هذا هو المشهور وقال السكاكي إما ذلك أو التعبير بأحدهما فيما حقه التعبير بغيره وله فوائد منها تطرية الكلام وصيانة السمع عن الضجر والملال لما جبلت عليه النفوس من حب التنقلات والسآمة من الاستمرار على منوال واحد وهذه فائدته العامة ويختص كل موضع بنكت ولطائف باختلاف محله كما سنبينه 4975 مثاله من التكلم إلى الخطاب ووجهه حث السامع وبعثه على الاستماع حيث أقبل المتكلم عليه وأعطاه فضل عناية تخصيص بالمواجهة قوله تعالى * (وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون) * والأصل (وإليه أرجع) فالتفت من التكلم إلى الخطاب ونكتته أنه أخرج الكلام في معرض مناصحته لنفسه وهو يريد نصح قومه تلطفا وإعلاما أنه يريد لهم ما يريد لنفسه ثم التفت إليهم لكونه في مقام تخويفهم ودعوتهم إلى الله تعالى كذا جعلوا هذه الآية من الالتفات وفيه نظر لأنه إنما يكون منه إذا قصد الإخبار عن نفسه في كلتا الجملتين وهنا ليس كذلك لجواز أن يريد بقوله (ترجعون) المخاطبين لا نفسه وأجيب بأنه لو كان المراد ذلك لما صح الاستفهام الإنكاري لأن رجوع العبد إلى مولاه ليس بمستلزم أن يعيده غير ذلك الراجع فالمعنى كيف لا أعبد من إليه رجوعي وإنما عدل عن (وإليه أرجع) إلى (وإليه ترجعون) لأنه داخل فيهم ومع ذلك أفاد فائدة حسنة وهي تنبيههم على أنه مثلهم في وجوب عبادة من إليه الرجوع 4976 ومن أمثلته أيضا قوله تعالى * (وأمرنا لنسلم لرب العالمين) * * (وأن أقيموا الصلاة) * 4977 ومثاله من التكلم إلى الغيبة ووجهه أن يفهم السامع أن هذا نمط المتكلم وقصده من السامع حضر أو غاب وأنه ليس في كلامه ممن يتلون ويتوجه ويبدى في الغيبة خلاف ما يبديه في الحضور قوله تعالى * (إنا فتحنا لك فتحا مبينا) * @ 230 @ ليغفر لك الله) والأصل (لنغفر لك) * (إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك) *
(٢٢٩)
مفاتيح البحث: الصّلاة (1)، الوجوب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»