الإتقان في علوم القرآن - السيوطي - ج ٢ - الصفحة ١٢٠
مرئيا فينتقل السامع من حد السماع إلى حد العيان وذلك أبلغ في البيان 4380 ومثال إيضاح ما ليس بجلي ليصير جليا * (واخفض لهما جناح الذل) * فإن المراد أمر الولد بالذل لوالديه رحمة فاستعير للذل أولا (جانب) ثم للجانب جناح وتقدير الاستعارة القريبة (واخفض لهما جانب الذل) أي اخفض جانبك ذلا وحكمة الاستعارة في هذا جعل ما ليس بمرئي مرئيا لأجل حسن البيان ولما كان المراد خفض جانب الولد للوالدين بحيث لا يبقي الولد من الذل لهما والاستكانة ممكنا احتيج في الاستعارة إلى ما هو أبلغ من الأولى فاستعير لفظ الجناح لما فيه من المعاني التي لا تحصل من خفض الجانب لأن من يميل جانبه إلى جهة السفل أدنى ميل صدق عليه أنه خفض جانبه والمراد خفض يلصق الجانب بالأرض ولا يحصل ذلك إلا بذكر الجناح كالطائر 4381 ومثال المبالغة * (وفجرنا الأرض عيونا) * وحقيقته (وفجرنا عيون الأرض) ولو عبر بذلك لم يكن فيه من المبالغة ما في الأول المشعر بأن الأرض كلها صارت عيونا فرع 4382 أركان الاستعارة ثلاثة مستعار وهو لفظ المشبه به ومستعار منه وهو معنى اللفظ المشبه ومستعار له وهو المعنى الجامع 4383 وأقسامها كثيرة باعتبارات فتنقسم باعتبار الأركان الثلاثة إلى خمسة أقسام أحدها استعارة محسوس لمحسوس بوجه محسوس نحو * (واشتعل الرأس شيبا) * فالمستعارة منه هو النار والمستعار له الشيب والوجه هو الانبساط ومشابهة ضوء النار لبياض الشيب وكل ذلك محسوس وهو أبلغ مما لو قيل (اشتعل شيب الرأس) لإفادة عموم الشيب لجميع الرأس ومثله * (وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض) * أصل الموج حركة الماء فاستعمل في حركتهم على سبيل الاستعارة والجامع سرعة الاضطراب وتتابعه في الكثرة * (والصبح إذا تنفس) *
(١٢٠)
مفاتيح البحث: التصديق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»