الإتقان في علوم القرآن - السيوطي - ج ٢ - الصفحة ١٢٣
* (اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم) *) استعير الاشتراء للاستبدال والاختيار ثم قرن بما يلائمه من الربح والتجارة والثانية أن تقرن بما يلائم المستعار له نحو * (فأذاقها الله لباس الجوع والخوف) * استعير اللباس للجوع ثم قرن بما يلائم المستعار له من الإذاقة ولو أراد الترشيح لقال (فكساها) لكن التجريد هنا أبلغ لما في لفظ الإذاقة من المبالغة في الألم باطنا والثالثة ألا تقرن بواحد منهما 4395 وتنقسم باعتبار آخر إلى تحقيقية وتخييلية ومكنية وتصريحية فالأولى ما تحقق معناها حسا نحو * (فأذاقها الله) * الآية أو عقلا نحو * (وأنزلنا إليكم نورا مبينا) * أي بيانا واضحا وحجة لامعة * (اهدنا الصراط المستقيم) * أي الدين الحق فإن كلا منهما يتحقق عقلا 4396 والثانية أن يضمر التشبيه في النفس فلا يصرح بشيء من أركانه سوى المشبه ويدل على ذلك التشبيه المضمر في النفس بأن يثبت للمشبه أمر مختص بالمشبه به ويسمى ذلك التشبيه المضمر استعارة بالكناية ومكنيا عنها لأنه لم يصرح به بل دل عليه بذكر خواصه 4397 ويقابله التصريحية ويسمى إثبات ذلك الأمر المختص بالمشبه به للمشبه استعارة تخييلية لأنه قد استعير للمشبه ذلك الأمر المختص بالمشبه به وبه يكون كمال المشبه به وقوامه في وجه الشبه لتخيل أن المشبه من جنس المشبه به ومن أمثلة ذلك * (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه) * شبه العهد بالحبل وأضمر في النفس فلم يصرح بشيء من أركان التشبيه سوى العهد المشبه ودل عليه بإثبات النقض الذي هو من خواص المشبه به وهو الحبل وكذا * (واشتعل الرأس شيبا) * طوى ذكر المشبه به وهو النار ودل عليه بلازمه وهو الاشتعال * (فأذاقها الله) *
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»