الإتقان في علوم القرآن - السيوطي - ج ٢ - الصفحة ١١٧
أحدها تشبيه ما تقع عليه الحاسة بما لا تقع اعتمادا على معرفة النقيض والضد فإن إدراكهما أبلغ من إدراك الحاسة كقوله * (طلعها كأنه رؤوس الشياطين) * شبه بما لا يشك أنه قبيح لما حصل في نفوس الناس من بشاعة صورة الشياطين وإن لم ترها عيانا 4365 الثاني عكسه وهو تشبيه ما لا تقع عليه الحاسة بما تقع عليه كقوله * (والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة) * الآية أخرج ما لا يحس وهو الإيمان إلى ما يحس وهو السراب والمعنى الجامع بطلان التوهم مع شدة الحاجة وعظم الفاقة 4366 الثالث إخراج ما لم تجر العادة به إلى ما جرت كقوله تعالى * (وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة) * والجامع بينهما الارتفاع في الصورة 4367 الرابع إخراج ما لا يعلم بالبديهة إلى ما يعلم بها كقوله * (وجنة عرضها كعرض السماء والأرض) * والجامع العظم وفائدته التشويق إلى الجنة بحسن الصفة وإفراط السعة 4368 الخامس إخراج ما لا قوة له في الصفة إلى ما له قوة فيها كقوله تعالى * (وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام) * والجامع فيهما العظم والفائدة إبانة القدرة على تسخير الأجسام العظام في ألطف ما يكون من الماء وما في ذلك من انتفاع الخلق بحمل الأثقال وقطعها الأقطار البعيدة في المسافة القريبة وما يلازم ذلك من تسخير الرياح للإنسان فتضمن الكلام نبأ عظيما من الفخر وتعداد النعم وعلى هذه الأوجه الخمسة تجري تشبيهات القرآن 4369 الرابع ينقسم باعتبار آخر إلى مؤكد وهو ما حذفت فيه الأداة نحو * (وهي تمر مر السحاب) * أي مثل مر السحاب * (وأزواجه أمهاتهم) * * (وجنة عرضها السماوات والأرض) * ومرسل وهو ما لم تحذف كالآيات السابقة
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»