وقوله تعالى: * (قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله) * يريد: الأصنام والملائكة; وذلك أن منهم من كان يعبد الملائكة; وهذه آية تعجيز وإقامة حجة; ويروى أن الآية نزلت عند الجوع الذي أصاب قريشا، ثم جاء بصفة هؤلاء الذين يدعونهم آلهة أنهم لا يملكون ملك اختراع مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض; وأنهم لا شرك لهم فيهما، وهذان نوعا الملك: إما استبداد وإما مشاركة; فنفى عنهم جميع ذلك ونفى أن يكون منهم لله تعالى معين في شئ، و " الظهير ": المعين، ثم قرر في الآية بعد أن الذين يظنون أنهم يشفعون لهم عند الله; لا تصح منهم شفاعة لهم إذ هؤلاء كفرة ولا يأذن الله في الشفاعة في كافر، وقرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو " أذن " - بضم الهمزة -.
وقوله تعالى: * (حتى إذا فزع عن قلوبهم...) * الآية، الضمير في * (قلوبهم) * عائد على الملائكة الذين دعوهم آلهة.
قال * ع *: وتظاهرت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه غير وسلم أن هذه الآية - أعني قوله:
* (حتى إذا فزع عن قلوبهم...) * - إنما هي في الملائكة; إذا سمعت الوحي إلى جبريل، أو الأمر يأمر الله به، سمعت كجر سلسلة الحديد على الصفوان، فتفزع عند ذلك تعظيما وهيبة لله تبارك وتعالى وقيل: خوفا أن تقوم الساعة; فإذا فرغ ذلك، فزع عن قلوبهم، أي: أطير الفزع عنها وكشف، فيقول بعضهم لبعض ولجبريل: ماذا قال ربكم؟ فيقول المسؤولون: قال الحق، وهو العلى الكبير.
* ت *: ولفظ الحديث من طريق أبي هريرة; أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قضى الله أمرا في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله، كأنه سلسلة على صفوان، فإذا فزع عن قلوبهم، قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا الحق، وهو العلى الكبير " انتهى.