وقوله تعالى: * (ذلك) * إشارة إلى ما أجراه عليهم.
وقوله: " وهل يجازى "، أي: يناقش ويقارض بمثل فعله قدرا بقدر، لأن جزاء المؤمن إنما هو بتفضل وتضعيف ثواب، وأما الذي لا يزاد ولا ينقص فهو الكافر، وقرأ حمزة والكسائي: " وهل نجازي " - بالنون وكسر الزاي " الكفور " - بالنصب -.
وقوله تعالى: * (وجعلنا بينهم وبين القرى...) * الآية، هذه الآية وما بعدها وصف حالهم قبل مجيء السيل، وهي أن الله تعالى مع ما كان منحهم من الجنتين والنعمة الخاصة بهم; كان قد أصلح لهم البلاد المتصلة; وعمرها وجعلهم أربابها; وقدر السير بأن قرب القرى بعضها من بعض; حتى كان المسافر من مأرب إلى الشام يبيت في قرية ويقيل في قرية فلا يحتاج إلى حمل زاد، و * (القرى) *: المدن، والقرى التي بورك فيها: هي بلاد الشام بإجماع المفسرين، والقرى الظاهرة: هي التي بين الشام ومأرب وهي اسم بلدهم.
قال ابن عباس وغيره: هي قرى عربية بين المدينة والشام. واختلف في معنى * (ظاهرة) * فقالت فرقة: معناه: مستعلية مرتفعه في الآكام وهي أشرف القرى، وقالت فرقة:
معناه: يظهر بعضها من بعض; فهي أبدا في قبضة عين المسافر; لا يخلو عن رؤية شئ منها و قال * ع *: والذي يظهر لي أن معنى * (ظاهرة) * خارجة عن المدن فهي عبارة عن القرى الصغار التي هي في ظواهر المدن; والله أعلم، و * (آمنين) *، أي: من الخوف والجوع والعطش وآفات السفر، ثم حكى - سبحانه - عنهم مقاله قالوها على جهة البطر والأشر; وهي طلب البعد بين الأسفار كأنهم ملوا النعمة في القرب وطلبوا استبدال الذي