وقوله سبحانه: * (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم) * يحتمل أن يكون معناه: وقلنا يا أيها الرسل، وقالت فرقة: الخطاب بقوله: * (يا أيها الرسل) * للنبي صلى الله عليه وسلم.
قال * ع *: والوجه في هذا أن يكون الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، وخرج بهذه الصيغة، ليفهم وجيزا أن المقالة قد خوطب بها كل نبي، أو هي طريقتهم التي ينبغي لهم الكون عليها; كما تقول لعالم: يا علماء إنكم أئمة يقتدى بكم; فتمسكوا بعلمكم، وقال الطبري: الخطاب لعيسى - عليه السلام -.
قلت: والصحيح في تأويل الآية: أنه أمر للمرسلين كما هو نص صريح في الحديث الصحيح; فلا معنى للتردد في ذلك، وقد روى مسلم والترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله طيب ولا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: * (يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم) * / [المؤمنون: الآية 51]. وقال: * (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم) * [البقرة: 172]. ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه [حرام] ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام; فأنى يستجاب لذلك؟! " اه.
وقوله تعالى: * (وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون * فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون) *، وهذه الآية تقوي أن قوله تعالى: * (يا أيها الرسل) * إنما هو مخاطبة لجميعهم، وأنه بتقدير حضورهم، وإذا قدرت: * (يا أيها الرسل) * مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم - قلق اتصال هذه واتصال قوله: * (فتقطعوا) *، ومعنى الأمة هنا: الملة والشريعة، والإشارة بهذه إلى الحنيفية السمحة ملة إبراهيم عليه السلام، وهو دين الإسلام.