تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٤ - الصفحة ١٣٥
الأشهر الحرم; فأبى المؤمنين من قتالهم، وأبى المشركون إلا القتال، فلما اقتتلوا، جد المؤمنين ونصرهم الله تعالى; فنزلت الآية فيهم، وجعل تقصير الليل وزيادة النهار وعكسهما إيلاجا; تجوزا وتشبيها، وباقي الآية بين.
وقوله سبحانه: * (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة إن الله لطيف خبير * له ما في السماوات وما في الأرض وإن الله لهو الغني الحميد) * قوله:
* (فتصبح) * عبارة عن استعجالها إثر نزول الماء; وروي عن عكرمة أنه قال: هذا لا يكون إلا ب‍ " مكة " و " تهامة ".
[قال * ع *: ومعنى هذا أنه أخذ قوله: * (فتصبح) * مقصودا به صباح ليلة المطر، وذهب إلى أن ذلك الاخضرار في سائر البلاد يتأخر].
قال * ع *: وقد شاهدت هذا في السوس الأقصى، نزل المطر ليلا بعد قحط، وأصبحت تلك الأرض الرملة التي تسفيها الرياح قد اخضرت بنبات ضعيف دقيق.
قلت: وقد شاهدت أنا ذلك بصحراء سواكن بالمشرق، وهي في حكم مكة إلا أن البحر قد حال بينهما; وذلك أن التعدية من جدة إلى " سواكن " مقدار يومين في البحر أو أقل بالريح المعتدلة، وكان ذلك في أول الخريف، وأجرى الله العادة أن أمطار تلك البلاد تكون بالخريف فقط، هذا هو الغالب، ولما شاهدت ذلك تذكرت هذه الآية / الكريمة، فسبحان الله ما أعظم قدرته! واللطيف: المحكم للأمور برفق.
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مريم 5
2 طه 43
3 الأنبياء 79
4 الحج 106
5 المؤمنون 141
6 النور 167
7 الفرقان 202
8 الشعراء 224
9 النمل 242
10 القصص 263
11 العنكبوت 288
12 الروم 305
13 لقمان 318
14 السجدة 326
15 الأحزاب 334
16 سبأ 363
17 فاطر 381