قال * ع *: وحدثني أبي (رحمه الله تعالى) أنه لقي بالمشرق من شيوخ العلماء والمتكلمين من قال: هذا لا يجوز على النبي صلى الله عليه وسلم وهو المعصوم في التبليغ; وإنما الأمر يعني على تقدير صحته - أن الشيطان نطق بلفظ أسمعه الكفار عند قول النبي صلى الله عليه وسلم: * (أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى) * [النجم: 19، 20]. وقرب صوته من صوت النبي صلى الله عليه وسلم حتى التبس الأمر على المشركين، وقالوا: محمد قرأها، هذا على تقدير صحته، وقد روي نحو هذا التأويل عن الإمام أبي المعالي.
قلت: قال عياض: وقد أعاذنا الله من صحته، وقد حكى موسى بن عقبة في " مغازيه " نحو هذا، وقال: إن المسلمين لم يسمعوها، وإنما ألقى الشيطان ذلك في أسماع المشركين، ومعنى قوله تعالى: * (تمنى) * أي: تلا; ومنه قوله تعالى: * (لا يعلمون الكتاب إلا أماني) * [البقرة: 78]. أي: تلاوة، * (فينسخ الله ما يلقي الشيطان) * أي: يذهبه، ويزيل اللبس به ويحكم آياته، وعبارة البخاري: وقال ابن عباس * (إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته) *، أي: إذا حدث ألقى الشيطان في حديثه، فيبطل الله ما يلقى الشيطان / ويحكم آياته، ويقال: * (أمنيته) *: قراءته. انتهى.
قال عياض: وقيل: معنى الآية هو ما يقع للنبي صلى الله عليه وسلم من السهو إذا قرأ فيتنبه لذلك، ويرجع عنه، انتهى.
وقوله سبحانه: * (ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة) * الفتنة: الامتحان والاختبار، والذين في قلوبهم مرض: عامة الكفار، * (والقاسية قلوبهم) * خواص منهم عتاة: كأبي جهل وغيره، والشقاق: البعد عن الخير والكون في شق غير شق الصلاح، و * (الذين أوتوا العلم) *: هم أصحاب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والضمير في * (أنه) *: عائد على القرآن، * (فتخبت