قال عياض: اعلم (أكرمك الله) أن لنا في الكلام على مشكل هذا الحديث مأخذين:
أحدهما: في توهين أصله.
والثاني: على تقدير تسليمه.
أما المأخذ الأول: فيكفيك أن هذا حديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة، ولا رواه ثقة بسند متصل سليم; وإنما أولع به وبمثله المفسرون والمؤرخون المولعون بكل غريب، المتلقفون من الصحف كل صحيح وسقيم، وصدق القاضي أبو بكر ابن العلاء المالكي (رحمه الله تعالى) حيث يقول: لقد بلي الناس ببعض أهل الأهواء والتفسير، ثم قال عياض: قال أبو بكر البزار: هذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد متصل يجوز ذكره; وإنما يعرف عن الكلبي. قال عياض: والكلبي ممن لا تجوز الرواية عنه ولا ذكره; لقوة ضعفه وكذبه، كما أشار إليه البزار، وقد أجمعت الأمة على عصمته صلى الله عليه وسلم ونزاهته عن مثل هذا، انتهى، ونحو هذا لابن عطية قال: وهذا الحديث الذي فيه: هن الغرانقة وقع في كتب التفسير ونحوها، ولم يدخله البخاري ولا مسلم، ولا ذكره - في علمي - مصنف مشهور; بل يقتضي مذهب أهل الحديث أن الشيطان ألقى، ولا يعينون هذا السبب ولا غيره.