والأرض هنا أرض مصر، ومتى ذكرت الأرض عموما، فإنما يراد بها ما يناسب القصة المتكلم فيها، واقتضبت هذه الآية قصص بني إسرائيل مع فرعون، وإنما ذكرت عظم الأمر وخطيره، وذلك طرفاه، أراد فرعون غلبتهم وقتلهم، وهذا كان بدء الأمر، فأغرقه الله وجنوده، وهذا كان نهاية الأمر، ثم ذكر سبحانه أمر بني إسرائيل بعد إغراق فرعون بسكنى أرض الشام و (وعد الآخرة) هو يوم القيامة، و " اللفيف ": الجمع المختلط الذي قد لف بعضه إلى بعض.
وقوله سبحانه: (وبالحق أنزلناه) يعني القرآن نزل بالمصالح والسداد للناس، و (بالحق نزل) يريد: بالحق في أوامره ونواهيه وأخباره، وقرأ جمهور الناس: " فرقناه " بتخفيف الراء، ومعناه: بيناه وأوضحناه وجعلناه فرقانا، وقرأ جماعة خارج السبع.
" فرقناه " بتشديد الراء، أي: أنزلناه شيئا بعد شئ، لا جملة واحدة، ويتناسق هذا المعنى مع قوله: (لتقرأه على الناس على مكث)، وتأولت فرقة قوله: (على مكث) أي: على ترسل في التلاوة، وترتل، هذا قول مجاهد وابن عباس وابن جريج وابن زيد، والتأويل الآخر، أي: على مكث وتطاول في المدة شيئا بعد شئ.
وقوله سبحانه: (قل آمنوا به أو لا تؤمنوا) فيه تحقير للكفار، وضرب من التوعد، (والذين أوتوا العلم من قبله): قالت فرقة: هم مؤمنو أهل الكتاب، و (الأذقان): أسافل الوجوه حيث يجتمع اللحيان.