تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٤٧٥
ترضع من أثداء الأشياء التي تلابسها، وتأخذ ما فيها من معانيها وأوصافها، وتؤديها إلى القلب وتنهيها. انتهى.
وقوله سبحانه: (ولا تمش في الأرض مرحا) قرأ الجمهور (مرحا) بفتح الحاء مصدر: مرح يمرح، إذا تسيب مسرورا بدنياه، مقبلا على راحته، فنهي الإنسان أن يكون مشيه في الأرض على هذا الوجه، وقرأت فرقة: " مرحا " بكسر الراء، ثم قيل له: إنك أيها المرح المختال الفخور، لن تخرق الأرض، ولن تطاول الجبال بفخرك وكبرك، " وخرق الأرض " قطعها ومسحها واستيفاؤها بالمشي.
وقوله سبحانه: (كل ذلك كان سيئة) قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو: " سيئة " فالإشارة بذلك على هذه القراءة إلى ما تقدم ذكره مما نهي عنه كقوله: (أف) [الإسراء:
23] وقذف الناس، والمرح، وغير ذلك، وقرأ عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي " سيئه " على إضافة " سييء " إلى الضمير، فتكون الإشارة، على هذه القراءة إلى جميع ما ذكر في هذه الآيات، من بر ومعصية، ثم اختص ذكر السيىء منه، بأنه مكروه عند الله تعالى.
وقوله سبحانه: (ذلك مما أوحى إليك ربك...) الآية: الإشارة ب‍ (ذلك) إلى هذه الآداب التي تضمنتها هذه الآيات المتقدمة، و (الحكمة): قوانين المعاني المحكمة، والأفعال الفاضلة.
* ت *: فينبغي للعاقل أن يتأدب بآداب الشريعة، وأن يحسن العشرة مع عباد الله، قال الإمام فخر الدين ابن الخطيب في " شرح أسماء الله الحسنى " كان بعض المشايخ يقول: مجامع الخيرات محصورة في أمرين صدق مع الحق، وخلق مع الخلق انتهى، وذكر هشام بن عبد الله القرطبي في تاريخه المسمى ب‍ " بهجة النفس "، قال: دخل عبد
(٤٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 470 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة