تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٣٦٦
تعالى، كقوله تعالى: (أو لم يروا إلى ما خلق الله من شئ يتفيؤا ضلاله...) الآية:
[النحل: 48]، وقال مجاهد: ظل الكافر يسجد طوعا، وهو كاره وروي أن الكافر إذا سجد لصنمه، فإن ظله يسجد لله حينئذ، وباقي الآية بين، ثم مثل الكفار والمؤمنين بقوله:
(قل هل يستوي الأعمى والبصير)، وشبه الكافر بالأعمى، والكفر بالظلمات، وشبه المؤمن بالبصير، والإيمان بالنور.
وقوله سبحانه: (قل الله خالق كل شئ): لفظ عام يراد به الخصوص، كما تقدم ذكره في غير هذا الموضع.
وقوله سبحانه: (أنزل من السماء ماء): يريد به المطر، (فسالت أودية بقدرها):
" الأودية ": ما بين الجبال من الانخفاض والخنادق، وقوله: (بقدرها): يحتمل أن يريد بما قدر لها من الماء، ويحتمل أن يريد بقدر ما تحمله على قدر صغرها وكبرها.
* ت *: وقوله: (فاحتمل) بمعنى: حمل، كاقتدر وقدر قاله * [ص] *.
و (الزبد) ما يحمله السيل من غثاء ونحوه، و " الرابي ": المنتفخ الذي قد ربا، ومنه الربوة.
وقوله سبحانه: (ومما توقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله): المعنى:
ومن الأشياء التي توقدون عليها ابتغاء الحلي، وهي الذهب والفضة، أو ابتغاء الاستمتاع بها في المرافق، وهي الحديد والرصاص والنحاس ونحوها من الأشياء التي توقدون عليها، فأخبر تعالى أن من هذه أيضا إذا أحمي عليها يكون لها زبد مماثل للزبد الذي يحمله السيل، ثم ضرب سبحانه ذلك مثلا للحق والباطل، أي: إن الماء الذي / تشربه الأرض من السيل، فيقع النفع به هو كالحق، والزبد الذي يخمد وينفش ويذهب هو كالباطل، وكذلك ما يخلص من الذهب والفضة والحديد ونحوه هو كالحق، وما يذهب في الدخان هو كالباطل.
وقوله: (جفاء): مصدر من قولهم: " أجفأت القدر " إذا غلت حتى خرج زبدها وذهب.
وقال * ص *: (جفاء): حال، أي: مضمحلا متلاشيا، أبو البقاء: وهمزته منقلبة
(٣٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة