وقوله: (والذين): يراد به ما عبد من دون الله، والضمير في (يدعون) لكفار قريش وغيرهم، ومعنى الكلام: والذين يدعونهم الكفار في حوائجهم ومنافعهم (لا يجيبونهم بشئ إلا)، ثم مثل سبحانه مثالا لإجابتهم بالذي يبسط كفيه نحو الماء، ويشير إليه بالإقبال إلى فيه، فلا / يبلغ فمه أبدا، فكذلك إجابة هؤلاء والانتفاع بهم لا يقع.
وقوله: (هو): يريد به الماء، وهو البالغ، والضمير في (بالغة) لفم، ويصح أن يكون هو يراد به الفم، وهو البالغ أيضا، والضمير في (بالغة) للماء، لأن الفم لا يبلغ الماء أبدا على تلك الحال، ثم أخبر سبحانه عن دعاء الكافرين، أنه في انتلاف وضلال لا يفيد.
وقوله تعالى: (ولله يسجد من في السماوات والأرض...) الآية: تنبيه على قدرته وعظمته سبحانه، وتسخير الأشياء له، والطعن على الكفار التاركين للسجود، و (من):
تقع على الملائكة عموما، و " سجودهم ": طوع، وأما أهل الأرض، فالمؤمنون داخلون في (من)، وسجودهم أيضا طوع، وأما سجود الكفرة، فهو الكره، وذلك على معنيين، فإن جعلنا السجود هذه الهيئة المعهودة، فالمراد من الكفرة من أسلم، خوف سيف الإسلام، كما قاله قتادة، وإن جعلنا السجود الخضوع والتذلل، حسب ما هو في اللغة، فيدخل الكفار أجمعون في (من)، لأنه ليس من كافر إلا ويلحقه من التذلل والاستكانة لقدرة الله تعالى أنواع أكثر من أن تحصى بحسب رزاياه، واعتباراته.
وقوله سبحانه: (وظلالهم بالغدو والآصال): إخبار عن أن الضلال لها سجود لله