تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٣٦١
وقوله سبحانه: (وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أئنا لفي خلق جديد)، المعنى: وإن تعجب، يا محمد، من جهالتهم وإعراضهم عن الحق، فهم أهل لذلك، وعجب غريب قولهم: أنعود بعد كوننا ترابا، خلقا جديدا، (أولئك الذين كفروا بربهم)، لتصميمهم على الجحود وإنكارهم للبعث، (وأولئك الأغلال في أعناقهم): أي: في الآخرة، ويحتمل أن يكون خبرا عن كونهم مغللين عن الإيمان، كقوله تعالى: (إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقحمون) [يس: 8].
وقوله سبحانه: (ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة...) الآية: تبيين لخطئهم كطلبهم سقوط كسف من السماء، وقولهم: (أمطر علينا حجارة من السماء) [الأنفال:
32] ونحو هذا مع نزول ذلك بأناس كثير، وقرأ الجمهور: (المثلات) - بفتح الميم وضم الثاء - وقرأ مجاهد " المثلات " - بفتح الميم والثاء - أي: الأخذة الفذة بالعقوبة ثم رجى سبحانه بقوله: (وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم)، ثم خوف بقوله:
(وإن ربك لشديد العقاب): قال ابن المسيب: لما نزلت هذه الآية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لولا عفو الله ومغفرته ما تهنأ أحد عيشا، ولولا عقابه لاتكل كل أحد "، وقال ابن عباس: ليس في القرآن أرجى من هذه الآية: (والمثلات): هي العقوبات المنكلات التي تجعل الإنسان مثلا يتمثل به، ومنه التمثيل بالقتلى، ومنه المثلة بالعبيد.
ويقولون: (لولا أنزل عليه آية من ربه): هذه من اقتراحاتهم، / والآية هنا يراد بها الأشياء التي سمتها قريش، كالملك، والكنز، وغير ذلك، ثم أخبر تعالى بأنه منذر وهاد، قال عكرمة، وأبو الضحى: المراد ب‍ " الهادي " محمد صلى الله عليه وسلم، ف‍ " هاد " عطف على " منذر "،
(٣٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة