تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٣٥٦
الحواضر، ثم أحال سبحانه على الاعتبار في الأمم السالفة، ثم حض سبحانه على الآخرة، والاستعداد لها بقوله: (ولدار الآخرة خير...) الآية.
قال * ص *: (ولدار الآخرة): خرجه الكوفيون على أنه من إضافة الموصوف لصفته، وأصله: " وللدار الآخرة "، والبصريون على أنه من حذف الموصوف، وإقامة صفته مقامه، وأصله: " ولدار المدة الآخرة أو النشأة الآخرة ". انتهى.
ويتضمن قوله تعالى: (أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم)، أن الرسل الذين بعثهم الله من أهل القرى، دعوا أممهم، فلم يؤمنوا بهم، حتى نزلت بهم المثلات، فصاروا في حيز من يعتبر بعاقبته، فلهذا المضمن حسن أن تدخل " حتى " في قوله: (حتى إذا استيأس الرسل).
وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر: " وظنوا أنهم قد كذبوا / - بتشديد الذال -، وقرأ الباقون: " كذبوا " - بضم الكاف، وكسر الذال المخففة، فأما الأولى، فمعناها أن الرسل ظنوا أن أممهم قد كذبتهم، و " الظن "، هنا: يحتمل أن يكون بمعنى اليقين، ويحتمل أن يكون الظن على بابه، ومعنى القراءة الثانية، على المشهور من قول ابن عباس وابن جبير: أي: حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم، وظن المرسل إليهم أن الرسل قد كذبوهم فيما ادعوه من النبوة، أو فيما توعدوهم به من العذاب، لما طال الإمهال، واتصلت العافية، جاءهم نصرنا.
وأسند الطبري أن مسلم بن يسار، قال لسعيد بن جبير: يا أبا عبد الله، آية بلغت مني كل مبلغ: " حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا "، فهذا هو الموت أن تظن الرسل الرسل أنهم قد كذبوا - مخففة -، فقال له ابن جبير: يا أبا عبد الرحمن، إنما يئس الرسل من قومهم، أن يجيبوهم، وظن قومهم أن الرسل قد كذبتهم، فقام مسلم إلى سعيد،
(٣٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة