تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٢٧٥
الأقوال، فخاطب الله تعالى نبيه عليه السلام على هذه الصورة من المخاطبة، ووقفه بها توقيفا رادا على أقوالهم ومبطلا لها، وليس المعنى أنه عليه السلام هم بشئ من ذلك، فزجر عنه، فإنه لم يرد قط ترك شئ مما أوحي إليه، ولا ضاق صدره به، وإنما كان يضيق صدره بأقوالهم وأفعالهم وبعدهم عن الإيمان.
قال * ص *، وع *: وعبر ب‍ (ضائق) وإن كان أقل استعمالا من " ضيق " لمناسبة (تارك)، ولأن (ضائق) وصف عارض، بخلاف " ضيق "، فإنه يدل على الثبوت، والصالح هنا الأول بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم، والضمير في " به " عائد على البعض، ويحتمل أن يعود على " ما " و (أن يقولوا) أي: كراهة أن يقولوا، أو لئلا يقولوا، ثم آنسه تعالى بقوله: (إنما أنت نذير)، أي: هذا القدر هو الذي فوض إليك، والله تعالى بعد ذلك هو الوكيل الممضي لإيمان من شاء، وكفر من شاء (أم يقولون افتراه): " أم " بمعنى: " بل "، والافتراء أخص من الكذب، ولا يستعمل إلا فيما بهت به المرء وكابر.
وقوله سبحانه: (قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين) تقدم تفسير نظيرها، وقال بعض الناس: هذه الآية متقدمة على التي في يونس، إذ لا يصح أن يعجزوا في واحدة، ثم يكلفوا عشرا.
قال * ع *: وقائل هذا القول لم يلحظ ما ذكرناه من الفرق بين التكليفين، في كمال المماثلة مرة كما هو في " سورة يونس "، ووقوفها على النظم مرة كما هو هنا، وقوله:
(إن كنتم صادقين): يريد في أن القرآن مفترى.
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة