تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٢٣٨
معنى سبحان الله؟ فقال: معناها: " تنزيها لله من السوء "، وحكي عن بعض المفسرين أنهم رووا أن هذه الكلمة إنما يقولها المؤمن عند ما يشتهي الطعام، فإنه إذا رأى طائرا أو غير ذلك، قال: (سبحانك اللهم)، فنزلت تلك الإرادة بين يديه فوق ما اشتهى. رواه ابن جريج وسفيان بن عيينة، وعبارة الداوودي عن ابن جريج: " دعواهم فيها ": قال: إذا مر بهم الطائر يشتهونه، كان دعواهم به (سبحانك اللهم)، فيأكلون منه ما يشتهون، ثم يطير، وإذا جاءتهم الملائكة بما يشتهون، سلموا عليهم، فذلك قوله: (وتحيتهم فيها سلام)، وإذا أكلوا حاجتهم، قالوا: (الحمد لله رب العالمين)، فذلك قوله: (وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين).
وقوله سبحانه: (وتحيتهم فيها سلام): يريد تسليم بعضهم على بعض، والتحية:
مأخوذة من تمني الحياة للإنسان والدعاء بها، يقال: حياه ويحييه، ومنه قول زهير بن جناب: [الكامل] من كل ما نال الفتى * قد نلته إلا التحيه يريد: دعاء الناس للملوك بالحياة، وقال بعض العلماء: (وتحيتهم) يريد: تسليم الله تعالى عليهم، والسلام: مأخوذ من السلامة، (وآخر دعواهم): أي: خاتمة دعائهم وكلامهم في كل موطن حمد الله وشكره، على ما أسبغ عليهم من نعمه، وقال ابن العربي في " أحكامه ". في تفسير هذه الآية قولان:
الأول: أن الملك يأتيهم بما يشتهون، فيقول: سلام عليكم، أي: سلمتم، فيردون عليه، فإذا أكلوا، قالوا: (الحمد لله رب العالمين).
الثاني: أن معنى " تحيتهم ": أي: تحية بعضهم بعضا، فقد ثبت في الخبر: " أن الله تعالى خلق آدم، ثم قال له: اذهب إلى أولئك النفر من الملائكة فسلم عليهم، فجاءهم، فقال لهم: سلام عليكم، فقالوا له: وعليك السلام ورحمة الله، فقال له: هذه تحيتك، وتحية ذريتك من بعدك إلى يوم القيامة "، وبين في القرآن ههنا أنها تحيتهم في الجنة،
(٢٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة