تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٩٧
وقوله سبحانه: (حرث قوم ظلموا أنفسهم...) الآية: من أهل العلم من يرى أن كل مصائب الدنيا، فإنما هي بمعاصي العبيد، وينتزع ذلك من غير ما آية في القرآن، فيستقيم على قوله، أن كل حرث تحرقه ريح، فإنما هو لمن قد ظلم نفسه، والضمير في قوله: (وما ظلمهم الله) للكفار الذين تقدم ضميرهم في (ينفقون)، وليس هو للقوم ذوي الحرث.
(يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون (118) ها أنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور (119)) وقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة)، أي: لا تتخذوا من الكفار، واليهود، والمنافقين أخلاء تأنسون بهم في الباطن، وتفاوضونهم في الآراء.
وقوله سبحانه: (من دونكم)، يعني: من دون المؤمنين.
وقوله سبحانه: (لا يألونكم خبالا): معناه: لا يقصرون لكم فيما فيه فساد عليكم، تقول: ما ألوت في كذا، أي: ما قصرت، بل اجتهدت، والخبال: الفساد، قال ابن عباس: كان رجال من المؤمنين يواصلون رجالا من اليهود للحلف والجوار الذي كان بينهم في الجاهلية، فنزلت الآية في ذلك، وقال ابن عباس أيضا، وقتادة، والربيع، والسدي:
نزلت في المنافقين.
قال * ع *: ويدخل في هذه الآية استكتاب أهل الذمة، وتصريفهم في البيع والشراء، ونحو ذلك، و " ما " في قوله: (ما عنتم): مصدرية، فالمعنى: ودوا عنتكم، والعنت: المشقة والمكروه يلقاه المرء، وعقبة عنوت، أي: شاقة.
قال * ص *: قال الزجاج: عنتكم، أي: مشقتكم، وقال ابن جرير: ضلالكم،
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة