تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ١٠٠
المؤمنين في أمر أحد، وفيه نزلت هذه الآيات كلها، وكان من أمر غزوة أحد أن المشركين اجتمعوا في ثلاثة آلاف رجل، وقصدوا المدينة، ليأخذوا بثأرهم في يوم بدر، فنزلوا عند أحد يوم الأربعاء، الثاني عشر من شوال، سنة ثلاث من الهجرة، على رأس أحد وثلاثين شهرا من الهجرة، وأقاموا هنالك يوم الخميس، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة يدبر وينتظر أمر الله سبحانه، فلما كان في صبيحة يوم الجمعة، جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس واستشارهم، وأخبرهم أنه كان يرى بقرا تذبح، وثلما لأن في ذباب سيفه، وأنه يدخل يده في درع حصينة، وأنه تأولها المدينة، وقال لهم: أرى ألا نخرج إلى هؤلاء الكفار، فقال له عبد الله بن أبي ابن سلول: أقم، يا رسول الله، ولا تخرج إليهم بالناس، فإن هم أقاموا، أقاموا بشر محبس، وإن انصرفوا، مضوا خائبين، وإن جاؤونا إلى المدينة، قاتلناهم في الأفنية ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من الآطام، فوالله، ما حاربنا قط عدو في هذه المدينة إلا غلبناه، ولا خرجنا منها إلى عدو إلا غلبنا، فوافق هذا الرأي رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأي جماعة عظيمة من المهاجرين والأنصار، وقال قوم من صلحاء المؤمنين ممن فاتته بدر: يا رسول الله اخرج بنا إلى عدونا، وشجعوا الناس، ودعوا إلى الحرب، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى بالناس صلاة الجمعة، وقد حشمه هؤلاء الداعون إلى الحرب، فدخل إثر صلاته بيته، ولبس سلاحه، فندم أولئك القوم، وقالوا: أكرهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما خرج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم في سلاحه، قالوا: يا رسول الله، أقم، إن شئت، فإنا لا نريد أن نكرهك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما ينبغي لنبي لبس سلاحه أن يضعها، حتى يقاتل، ثم خرج بالناس، وسار حتى قرب من عسكر المشركين، فعسكر هنالك، وبات تلك الليلة، وقد غضب عبد الله بن أبي ابن سلول، وقال: أطاعهم، وعصاني، فلما كان في صبيحة يوم السبت، اعتزم النبي صلى الله عليه وسلم على المسير إلى مناجزة المشركين، فنهض وهو في ألف رجل، فانخزل عنه عند ذلك عبد الله بن أبي ابن سلول بثلاثمائة رجل من منافق ومتبع، وقالوا: نظن أنكم لا تلقون قتالا، ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعمائة / فهمت عند ذلك بنو حارثة من الأوس وبنو سلمة من الخزرج بالانصراف، ورأوا كثافة المشركين، وقلة المسلمين، وكادوا أن يجبنوا، ويفشلوا، فعصمهم الله تعالى، وذم بعضهم بعضا، ونهضوا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى أطل على المشركين فتصاف الناس، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر على الرماة عبد الله بن جبير، وكانوا خمسين رجلا، وجعلهم يحمون الجبل وراء المسلمين،
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة