تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ١٠٢
عليه، ذكر بأمر بدر الذي كان ثمرته التوكل على الله سبحانه، والثقة به.
وقوله سبحانه: (وأنتم أذلة): معناه: قليلون، واسم الذل في هذا الموضع:
مستعار، إذ نسبتهم إلى عدوهم، وإلى جميع الكفار في أقطار الأرض تقتضي عند المتأمل ذلتهم، وأنهم مغلوبون، روى ابن عمرو " أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم بدر في ثلاثمائة، وخمسة عشر، فقال صلى الله عليه وسلم: " اللهم، إنهم حفاة، فأحملهم، اللهم إنهم عراة، فاكسهم، اللهم، إنهم جياع، فأشبعهم "، ففتح الله عليهم يوم بدر، فانقلبوا حين انقلبوا، وما فيهم رجل إلا قد رجع بجمل أو جملين، واكتسوا، وشبعوا " رواه أبو داود، والحاكم في " المستدرك على الصحيحين "، واللفظ له، وقال: صحيح على شرط الشيخين. اه‍ من " السلاح ".
وقوله سبحانه: (إذ / تقول): العامل في " إذ " فعل مضمر، ويحتمل أن يكون العامل " نصركم "، وعلى هذا قول الجمهور، أن هذا القول من النبي صلى الله عليه وسلم كان ببدر، قال ابن عباس: لم تقاتل الملائكة في يوم من الأيام إلا يوم بدر، وكانوا يكونون في سائر الأيام عددا ومددا لا يضربون، قال الشعبي: وهم يحضرون حروب المسلمين إلى يوم القيامة، وقال قتادة: أمد الله المؤمنين يوم بدر بخمسة آلاف، قال عكرمة: كان الوعد يوم بدر، فلم يصبروا يوم أحد، ولا اتقوا، فلم يمدوا، ولو مدوا، لم يهزموا، وقال الضحاك، وابن زيد: إنما كان هذا الوعد والمقالة للمؤمنين يوم أحد، ففر الناس، وولوا مدبرين، فلم يمدهم الله، وإنما مدوا يوم بدر بألف من الملائكة مردفين، والفوز: النهوض المسرع إلى الشئ، مأخوذ من فور القدر، والماء ونحوه، ومنه: الفور في الحج والوضوء
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة