تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٩٦
ومما يدخل في ضمن قوله سبحانه: (ويسارعون في الخيرات)، أن يكون المرء مغتنما للخمس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك، وغناك قبل فقرك "، فيكون متى أراد أن يصنع خيرا، بادر إليه، ولم يسوف نفسه بالأمل، فهذه أيضا مسارعة في الخيرات، وذكر بعض الناس قال: دخلت مع بعض الصالحين في مركب، فقلت له: ما تقول (أصلحك الله) في الصوم في السفر؟ فقال لي: إنها المبادرة، يا ابن الأخ، قال المحدث: فجاءني، والله، بجواب ليس من أجوبة الفقهاء /.
قال * ص *: قوله: (من الصالحين): " من " للتبعيض، ابن عطية: ويحسن أيضا أن تكون لبيان الجنس، وتعقب بأنه لم يتقدم شئ فيه إبهام، فيبين جنسه. اه‍.
(وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين (115) إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (116)) وقوله تعالى: (وما يفعلوا من خير فلن يكفروه)، أي: فلن يعطى دونكم، فلا تثابون عليه، وفي قوله سبحانه: (والله عليم بالمتقين): وعد ووعيد.
(مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون (117)) وقوله تعالى: (مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح...) الآية: وقع في الآية التشبيه بين شيئين وشيئين، وترك من كل منهما ما دل عليه الكلام، وهذه غاية الإيجاز والبلاغة، وجمهور المفسرين على أن (ينفقون) يراد به الأموال التي كانوا ينفقونها في التحنث، أي: يبطلها كفرهم، كما تبطل الريح الزرع، والصر: البرد الشديد المحرق لكل ما يهب عليه، والحرث: شامل للزرع والثمار.
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة