تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٩٤
(113) يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين (114)) وقوله تعالى: (ليسوا سواء...) الآية: قال ابن عباس (رضي الله عنهما): لما أسلم عبد الله بن سلام، وثعلبة بن سعية، وأسيد بن سعية /، وأسد بن عبيد، ومن أسلم من اليهود معهم، قال الكفار من أحبار اليهود: ما آمن بمحمد إلا شرارنا ولو كانوا خيارا، ما تركوا دين آبائهم، فأنزل الله سبحانه في ذلك: (ليسوا سواء...) الآية، وقال مثله قتادة، وابن جريج، وهو أصح التأويلات في الآية.
واختلف في قوله: (قائمة)، فقال ابن عباس وغيره: معناه: قائمة على كتاب الله، وحدوده مهتديه، وقال السدي: القائمة: القانتة المعطية، وهذا كله يرجع إلى معنى واحد، ويحتمل أن يراد ب‍ (قائمة): وصف حال التالين في آناء الليل، ومن كانت حاله هذه، فلا محالة، أنه معتدل على أمر الله، و (آيات الله)، في هذه الآية: هي كتبه، والآناء: الساعات، واحدها إني، بكسر الهمزة، وسكون النون، وحكم هذه الآية لا يتفق في شخص شخص، بأن يكون كل واحد يصلي جميع ساعات الليل، وإنما يقوم هذا الحكم من جماعة الأمة، إذ بعض الناس يقوم أول الليل، وبعضهم آخره، وبعضهم بعد هجعة، ثم يعود إلى نومه، فيأتي من مجموع ذلك في المدن والجماعات عمارة آناء الليل بالقيام، وهكذا كان صدر هذه الأمة، وعرف الناس القيام في أول الثلث الآخر من الليل، أو قبله بشئ، وحينئذ: كان يقوم الأكثر، والقيام طول الليل قليل، وقد كان في الصالحين من يلتزمه، وقد ذكر الله سبحانه القصد من ذلك في " سورة المزمل "، وقيام الليل لقراءة العلم المبتغى به وجه الله داخل في هذه الآية، وهو أفضل من التنفل لمن يرجى انتفاع المسلمين بعلمه، قلت: وقد تقدم في أول السورة: ما جاء من التأويل في حديث النزول،
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة