تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٩١
الكلام شئ مقدر لا يستغنى المعنى عنه، كقوله تعالى: (فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة) [البقرة: 184] المعنى: فأفطر، فعدة.
وقوله تعالى: (بعد ايمانكم) يقتضى أن لهؤلاء المذكورين إيمانا متقدما، واختلف أهل التأويل في تعيينهم، فقال أبي بن كعب: هم جميع الكفار، وإيمانهم هو إقرارهم يوم قيل لهم: (ألست بربكم قالوا بلى) [الأعراف: 172] وقال أكثر المتأولين: المراد أهل القبلة من هذه الأمة، ثم اختلفوا، فقال الحسن: الآية في المنافقين، وقال قتادة: هي في أهل الردة، وقال أبو أمامة: هي في الخوارج.
وقوله تعالى: (تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق) الإشارة ب‍ " تلك " إلى هذه الآيات المتضمنة تعذيب الكفار، وتنعيم المؤمنين، ولما كان في هذا ذكر التعذيب، أخبر سبحانه، أنه لا يريد أن يقع منه ظلم لأحد من العباد، وإذا لم يرد ذلك، فلا يوجد البتة، لأنه لا يقع من شئ إلا ما يريده سبحانه، وقوله: (بالحق): معناه بالإخبار الحق، ويحتمل أن يكون المعنى: نتلوها عليك مضمنة الأفعال التي هي حق في نفسها من كرامة قوم، وتعذيب آخرين، ولما كان للذهن أن يقف هنا في الوجه الذي به خص الله قوما بعمل يرحمهم من أجله، وآخرين بعمل يعذبهم عليه، ذكر سبحانه الحجة القاطعة في ملكه جميع المخلوقات، وأن الحق أن لا يعترض عليه، وذلك في قوله: (ولله ما في السماوات وما في الأرض...) الآية /.
(كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون (110) لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون (111) ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة