تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٨٢
سبحانه: (والله شهيد على ما تعملون) وعيد محض، قال الطبري: هاتان الآيتان:
(قل يأهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله)، وما بعدهما إلى قوله: (وأولئك لهم عذاب عظيم) [آل عمران: 105]، نزلت بسبب رجل من اليهود، حاول الإغراء بين الأوس والخزرج، قال ابن إسحاق: حدثني الثقة عن زيد بن أسلم، قال: مر شاس بن قيس اليهودي، وكان شيخا قد عسا في الجاهلية عظيم الكفر، شديد الضغن على المسلمين /، والحسد لهم، على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوس والخزرج، وهم في مجلس يتحدثون، فغاظه ما رآه من جماعتهم وصلاح بينهم بعد ما كان بينهم من العداوة، فقال:
قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد، والله، مالنا معهم، إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار، فأمر فتى شابا من يهود، فقال: أعمد إليهم، واجلس معهم، وذكرهم يوم بعاث، وما كان قبله من أيام حربهم، وأنشدهم ما قالوه من الشعر في ذلك، ففعل الفتى، فتكلم القوم عند ذلك، فتفاخروا، وتنازعوا حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب أوس بن قيظي من الأوس، وجبار بن صخر من الخزرج، فتقاولا، ثم قال أحدهما لصاحبه: إن شئتم، والله، رددناها الآن جذعة، فغضب الفريقان، وقالوا: قد فعلنا، السلاح السلاح! موعدكم الظاهرة، يريدون: الحرة، فخرجوا إليها وتحاوز الناس على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية، وبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين، فقال: يا معشر المسلمين، الله الله، أبدعوى الجاهلية، وأنا بين أظهركم، ووعظهم، فعرف القوم، أنها نزعة من الشيطان، فألقوا السلاح، وبكوا، وعانق الناس بعضهم بعضا من الأوس والخزرج، وانصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين، فأنزل الله في شاس بن قيس، وما صنع هذه الآيات.
وقال الحسن وغيره: نزلت في أحبار اليهود الذين يصدون المسلمين عن الإسلام، ويقولون: إن محمدا ليس بالموصوف في كتابنا.
قال * ع *: ولا شك في وقوع هذين الشيئين، وما شاكلهما من أفعال اليهود وأقوالهم، فنزلت الآيات في جميع ذلك، ومعنى " تبغون " أي: تطلبون لها الاعوجاج
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة