تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٧٧
قال * ع *: ولم يختلف فيما علمت أن سبب تحريم يعقوب ما حرمه على نفسه هو بمرض أصابه، فجعل تحريم ذلك شكرا لله، أن شفي، وقيل: هو وجع عرق النسا، وفي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إن عصابة من بني إسرائيل، قالوا له: يا محمد، ما الذي حرم إسرائيل على نفسه؟ فقال لهم: أنشدكم بالله! هل تعلمون، أن يعقوب مرض مرضا شديدا، فطال سقمه منه، فنذر لله نذرا، إن عافاه الله من سقمه، ليحرمن أحب الطعام والشراب إليه، وكان أحب الطعام إليه لحوم الإبل، وأحب الشراب إليه ألبانها؟ قالوا:
اللهم، نعم ".
قال * ع *: وظاهر الأحاديث والتفاسير في هذا الأمر أن يعقوب - عليه السلام - حرم لحوم الإبل وألبانها، وهو يحبها، تقربا بذلك، إذ ترك الترفه والتنعم من القرب، وهذه هو الزهد في الدنيا، وإليه نحا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، بقوله: " إياكم وهذه المجازر، فإن لها ضراوة كضراوة الخمر "، ومن ذلك قول أبي حازم الزاهد، وقد مر بسوق الفاكهة، / فرأى محاسنها، فقال: موعدك الجنة، إن شاء الله.
وقوله عز وجل: (قل فأتوا بالتوراة...) الآية: قال الزجاج: وفي هذا تعجيز لهم، وإقامة للحجة عليهم.
(فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون (94) قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين (95) إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين (96) فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين (97)) وقوله سبحانه: (افترى على الله الكذب من بعد ذلك)، أي: من بعد ما تبين له الحق، وقيام الحجة، فهو الظالم.
وقوله: (قل صدق الله)، أي: الأمر كما وصف سبحانه، لا كما تكذبون، فإن كنتم تعتزون إلى إبراهيم، فاتبعوا ملته، على ما ذكر الله.
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة