تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٧٨
وقوله سبحانه: (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة....) الآية: لا مرية أن إبراهيم - عليه السلام - وضع بيت مكة، وإنما الخلاف، هل هو وضع بدأة أو وضع تجديدا؟ وقال الفخر: يحتمل أولا في الوضع والبناء، ويحتمل أن يريد أولا في كونه مباركا، وهذا تحصيل المفسرين في الآية. اه‍.
قال ابن العربي في " أحكامه " وكون البيت الحرام مباركا، قيل: بركته ثواب الأعمال هناك، وقيل: ثواب قاصديه، وقيل: أمن الوحش فيه، وقيل: عزوف النفس عن الدنيا عند رؤيته، قال ابن العربي: والصحيح عندي أنه مبارك من كل وجه من وجوه الدنيا والآخرة، وذلك بجميعه موجود فيه. اه‍.
قال مالك في سماع ابن القاسم من " العتبية ": بكة موضع البيت، ومكة غيره من المواضع، قال ابن القاسم: يريد القرية، قلت: قال ابن رشد في " البيان ": أرى مالكا أخذ ذلك من قول الله عز وجل، لأنه قال تعالى في بكة: (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا)، وهو إنما وضع بموضعه الذي وضع فيه لا فيما سواه من القرية، وقال في " مكة "، (وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة) [الفتح: 24] وذلك إنما كان في القرية، لا في موضع البيت. اه‍.
وقوله سبحانه: (فيه)، أي: في البيت (آيات بينات)، قال * ع *: والمترجح عندي أن المقام وأمن الداخل جعلا مثالا مما في حرم الله من الآيات وخصا بالذكر، لعظمهما، و (مقام إبراهيم): هو الحجر المعروف، قاله الجمهور، وقال قوم: البيت كله مقام إبراهيم، وقال قوم: الحرم كله مقام إبراهيم، والضمير في قوله: (ومن دخله) عائد على البيت، في قول الجمهور، وعائد على الحرم،
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة