تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٤٨٢
هنالك لا أرجو حياة تسرني * سمير الليالي مبسلا بالجرائر وباقي الآية بين.
(وإن تعدل كل عدل)، أي: وإن تعط كل فدية، وإن عظمت، فتجعلها عدلا لها، لا يقبل منها، وقال أبو عبيدة: (وإن تعدل)، هو من العدل المضاد للجور، ورده الطبري بالإجماع على أن توبة الكافر مقبولة.
قال * ع *: ولا يلزم هذا الرد، لأن الأمر إنما هو يوم القيامة، ولا تقبل فيه توبة، ولا عمل. قلت: وأجلى من هذا أن يحمل كلام أبي عبيدة على معنى أنه لا يقبل منها عدلها، لاختلال شرطه، وهو الإيمان، و (أبسلوا): معناه: أسلموا بما اجترحوه من الكفر، والحميم: الماء الحار، ومنه: الحمام، والحمة.
وقوله سبحانه: (قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا)، المعنى: قل في احتجاجك: أنطيع رأيكم في أن ندعو من دون الله، والدعاء: يعم العبادة وغيرها، لأن من جعل شيئا موضع دعائه، فإياه يعبد، وعليه يتوكل، و (ما لا ينفعنا ولا يضرنا): يعني:
الأصنام، (ونرد على أعقابنا): تشبيه بمشي القهقرى، وهي المشية الدنية، فاستعمل المثل بها فيمن رجع من خير إلى شر.
وقوله سبحانه: (كالذي استهوته الشياطين) في الكلام حذف، تقديره: ردا كرد الذي، و (استهوته): بمعنى: استدعت هواه وأمالته، و (هدانا): بمعنى: أرشدنا، فسياق هذا المثل كأنه قال: أيصلح أن نكون بعد الهدى نعبد الأصنام، فيكون ذلك منا ارتدادا على العقب، فنكون كرجل على طريق واضح، فاستهوته عنه الشياطين، فخرج عنه إلى دعوتهم، فبقي حائرا.
(٤٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 477 478 479 480 481 482 483 484 485 486 487 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة