تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٤٨٧
قتادة، وقال السدي: هو المشتري جانحا إلى الغروب، فلما أفل بزغ القمر، وهو أول طلوعه، فسرى الليل أجمع، فلما بزغت الشمس، زال ضوء القمر قبلها، لانتشار الصباح، وخفي نوره، ودنا أيضا من مغربه، فسمى ذلك أفولا، لقربه من الأفول التام، على تجوز في التسمية، وهذا الترتيب يستقيم في الليلة الخامسة عشر من الشهر إلى ليلة عشرين، وليس يترتب في ليلة واحدة، كما / أجمع أهل التفسير، إلا في هذه الليالي، وبذلك يصح التجوز في أفول القمر، " وأفل "، في كلام العرب: معناه: غاب، وقيل: معناه: ذهب، وهذا خلاف في العبارة فقط، والبزوغ في هذه الأنوار: أول الطلوع، وما في كون هذا الترتيب في ليلة من التجوز في أفول القمر، لأن أفوله لو قدرناه مغيبه، لكان ذلك بعد بزوغ الشمس، وجميع ما قلناه يعطيه الاعتبار، و (يهدني): يرشدني، وهذا اللفظ يؤيد قول من قال: إن القصة في حال الصغر، والقوم الضالون هنا عبدة المخلوقات، كالأصنام وغيرها، ولما أفلت الشمس، لم يبق شئ يمثل لهم به، فظهرت حجته، وقوي بذلك على منابذتهم والتبري من إشراكهم، وقوله: (إني بريء مما تشركون): يؤيد قول من قال: إن القصة في حال الكبر والتكليف، و (وجهت وجهي)، أي: أقبلت بقصدي وعبادتي وتوحيدي وإيماني للذي فطر السماوات والأرض، أي: اخترعها و (حنيفا) أي: مستقيما، والحنف: الميل، فكأنه مال عن كل جهة إلى القوام.
(وحاجة قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربى شيئا وسع ربى كل شئ علما أفلا تتذكرون (80) وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون (81) الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون (82)) وقوله تعالى: (وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله)، أي: أتراجعوني في الحجة في توحيد الله، (وقد هدان)، أي: قد أرشدني إلى معرفته وتوحيده، (ولا أخاف ما تشركون به)، الضمير في (به) يعود على (الله) والمعنى: ولا أخاف الأصنام التي تشركونها بالله في الربوبية، ويحتمل أن يعود على " ما "، والتقدير: ما تشركون بسببه، وقوله: (إلا أن يشاء ربي شيئا): استثناء ليس من الأول، و (شيئا): منصوب
(٤٨٧)
مفاتيح البحث: الترتيب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 482 483 484 485 486 487 488 489 490 491 492 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة