مكانه في الجنة، وبه قال سعيد بن جبير، وسلمان الفارسي، وقيل: هي رؤية بصر في ظاهر الملكوت، وقع له معها من الاعتبار ورؤية القلب: ما لم يقع لأحد من أهل زمنه الذين بعث إليهم، قاله ابن عباس وغيره، وقيل: هي رؤية قلب، رأى بها ملكوت السماوات والأرض بفكرته ونظره، و (ملكوت): بناء مبالغة، وهو بمعنى الملك، والعرب تقول: لفلان ملكوت اليمن، أي: ملكه، واللام في: (ليكون): متعلقة بفعل مؤخر، تقديره: وليكون من الموقنين، أريناه، والموقن: العالم بالشيء علما لا يمكن أن يطرأ له فيه شك، وروي عن ابن عباس في تفسير: (وليكون من الموقنين) قال: جلى له الأمور سرها وعلانيتها، فلم يخف عليه شئ من أعمال الخلائق، فلما جعل يلعن أصحاب الذنوب، قال الله له: إنك لا تستطيع هذا، فرده لا يرى أعمالهم.
(فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين (76) فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربى فلما أفل قال لئن لم يهدني ربى لأكونن من القوم الظالين (77) فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربى هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني برئ مما تشركون (78) إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين (79)) وقوله سبحانه: (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي...) الآية: جن الليل: ستر وغطى بظلامه، ذهب ابن عباس / وناس كثيرون إلى أن هذه القصة وقعت في حال صباه وقبل البلوغ والتكليف، ويحتمل أن تكون وقعت له بعد بلوغه وكونه مكلفا، وحكى الطبري هذا عن فرقة، وقالت: إنه استفهم قومه، على جهة التوقيف والتوبيخ، أي:
هذا ربي، وحكي أن النمرود جبار ذلك الزمان رأى له منجموه أن مولودا يولد في سنة كذا في عمله يكون خراب الملك على يديه، فجعل يتتبع الحبالى، ويوكل بهن حراسا، فمن وضعت أنثى، تركت، ومن وضعت ذكرا، حمل إلى الملك فذبحه، وأن أم إبراهيم حملت، وكانت شابة قوية، فسترت حملها، فلما قربت ولادتها، بعثت أبا إبراهيم إلى