تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٤٣
الذكر والمعرفة، واستدامتها بالقلب. اه‍.
وقوله تعالى: (وسبح): معناه: قل سبحان الله، وقال قوم: معناه صل، والأول أصوب، لأنه يناسب الذكر، ويستغرب مع امتناع الكلام مع الناس، والعشي، في اللغة:
من زوال الشمس إلى مغيبها، والإبكار: مصدر أكبر الرجل، إذا بادر أمره من لدن طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وتتمادى البكرة شيئا بعد طلوع الشمس، يقال: أبكر الرجل وبكر.
(وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين (42) يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين (43)) وقوله تعالى: (وإذ قالت الملائكة): العامل في " إذ ": " أذكر "، لأن هذه الآيات كلها إنما هي إخبارات بغيب تدل على نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، مقصد ذكرها هو الأظهر في حفظ رونق الكلام.
و (اصطفاك): معناه: تخيرك لطاعته، و (طهرك): معناه: من كل ما يصم النساء في خلق، أو خلق، أو دين، قاله مجاهد وغيره، وقول الزجاج: قد جاء في التفسير، أن معناه: طهرك من الحيض والنفاس - يحتاج إلى سند قوي، وما أحفظه، و (العالمين) يحتمل عالم زمانها.
قال * ع *: وسائغ أن يتأول عموم الاصطفاء على العالمين، وقد قال بعض الناس: إن مريم نبية من أجل مخاطبة الملائكة لها، وجمهور الناس على أنها لم تنبأ امرأة، و (اقنتي) معناه: اعبدي، وأطيعي، قاله الحسن وغيره، ويحتمل أن يكون معناه:
أطيلي القيام في الصلاة، وهذا هو قول الجمهور، وهو المناسب في المعنى لقوله:
(واسجدي)، وروى مجاهد، أنها لما خوطبت بهذا، قامت حتى ورمت قدماها، وروى الأوزاعي: حتى سال الدم والقيح من قدميها، وروي أن الطير كانت، تنزل على رأسها تظنها جمادا.
واختلف المتأولون، لم قدم السجود على الركوع.
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة