من " أية "، كأنه قال: وجئتكم بأني أخلق، و (أخلق): معناه: أقدر وأهيئ بيدي.
* ص *: (كهيئة): الهيئة: الشكل والصورة، وهو مصدر: هاء الشئ يهيئ هيئة، وهيأ، إذا ترتب واستقر على حال ما، وتعديه بالتضعيف، قال تعالى: (ويهيئ لكم من أمركم مرفقا) [الكهف: 16] اه.
وقرأ نافع وحده: " فيكون طائرا "، بالإفراد، أي: يكون طائرا من الطيور، وقرأ الباقون: " فيكون طيرا "، بالجمع، وكذلك في " سورة المائدة " والطير: اسم جمع، وليس من أبنية الجموع، وإنما البناء في جمع طائر: أطيار، وجمع الجمع: طيور.
وقوله: (فأنفخ فيه)، ذكر الضمير، لأنه يحتمل أن يعود على الطين المهيئ، ويحتمل أن يريد: فأنفخ في المذكور، وأنث الضمير في " سورة المائدة "، لأنه يحتمل أن يعود على الهيئة، أو على تأنيث لفظ الجماعة، وكون عيسى يخلق بيده، وينفخ بفيه، إنما هو ليبين تلبسه بالمعجزة، وأنها جاءت من قبله، وأما الإيجاد من العدم، وخلق الحياة في ذلك الطين، فمن الله تعالى وحده، لا شريك له.
وروي في قصص هذه الآية، أن عيسى - عليه السلام - كان يقول لبني إسرائيل: أي:
الطير أشد خلقة، وأصعب أن يحكى؟ فيقولون: الخفاش، لأنه طائر لا ريش له، فكان يصنع من الطين خفافيش، ثم ينفخ فيها فتطير، وكل ذلك بحضرة الناس، ومعاينتهم، فكانوا يقولون: " هذا ساحر " (وأبرئ) معناه: أزيل المرض، و (الأكمه): هو الذي يولد أعمى مضموم العينين، قاله ابن عباس وقتادة.
قال * ع *: والأكمه، في اللغة: هو الأعمى، وقد كان عيسى - عليه السلام - يبرئ بدعائه، ومسح يده على كل عاهة، ولكن الاحتجاج على بني إسرائيل في معنى النبوءة لا يقوم إلا بالإبراء من العلل التي لا يبرئ منها طبيب بوجه، وروي في إحيائه الموتى، أنه كان يضرب بعصاه الميت، أو القبر، أو الجمجمة، فيحيى الإنسان، ويكلمه بإذن الله، وفي قصص الإحياء أحاديث كثيرة لا يوقف على صحتها، وآيات عيسى - عليه السلام - إنما تجري فيما يعارض الطب، لأن علم الطب كان شرف الناس في ذلك / الزمان،